المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
الناشر
دار إحياء التراث القديم
رقم الإصدار
الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ
سنة النشر
أغسطس سنة ١٩٥٤م
وهو أصدق قيلا: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ ١، معناه٢: من الزاهدين فيه. ﴿إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ﴾ ٣، معناه: من القالين لعملكم، و﴿إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ ٤، معناه: من الناصحين لكما. ولكنه لما قدمه جعله تبيينا وأخرجه عن الصلة.
ومعنى التبيين: أن تعلقه بما يدل عليه معنى الكلام ولا تقدره في الصلة؛ لأن معنى: كان جزائي بالعصا أن أجلدا: جلدي بالعصا.
ومعنى:
أبت للأعادي أن تذل رقابها
لا تذل رقابها للأعادي. وكذلك٥ الباقي كله لا يمتنع أن تقدر فيه مثل٦ هذا التقدير. فإذا٧ فعلت هذا، سَلِمَ لك اللفظ والمعنى، ولم تقدم شيئا عن موضعه الذي هو أخص به، ولا يجوز زواله عنه.
وليس يمتنع٨ أن يكون تفسير المعنى مخالفا لتقدير الإعراب، ألا ترى أن معنى قولهم: "أهلَكَ والليلَ": الْحَقْ بأهلك قبل الليل، وإنما تقديره في الإعراب: الحق أهلك وسابق الليل. وكذلك٩ أيضا يكون معنى الكلام: "كان جزائي أن أجلد بالعصا"، وتقديره في الإعراب غير ذلك.
وسيبويه كثيرا ما يمثل في كتابه على المعنى، فيتخيل من لا خبرة له أنه قد
_________
١ من الآية ٢٠ من سورة يوسف ١٢.
٢ ظ، ش: أي.
٣ من الآية ١٦٨ من سورة الشعراء ٢٦، وقد صدرت النسخ الثلاث النص بالواو فقالت: وإني، خطأ.
٤ من الآية ٢١ من سورة الأعراف ٧.
٥ ظ، ش: فكذلك، بالفاء.
٦ مثل: ساقط من ظ، ش.
٧ ظ، ش: وإذا، بالواو.
٨ ظ، ش: بممتنع.
٩ ظ، ش: فكذلك.
1 / 131