المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
الناشر
دار إحياء التراث القديم
رقم الإصدار
الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ
سنة النشر
أغسطس سنة ١٩٥٤م
يا صاحِ هل تعرف رسما مكرسا
قال نعم أعرفه وأبلسا
فخطأ منه. لو كان "إبليس" من هذا لكان عربيا؛ لأنه مشتق، ولوجب صرفه؛ لأنك لو سميت رجلا بـ "إِجْفِيل، وإخريط" لصرفته؛ لأنه لا مانع له من الصرف.
وكذلك أيضا لا يجوز أن يكون "إدريس" من درست القرآن، ولا من درس من المنزل، ونحوهما، ولا يكون" يعقوب" من العقبى، ولا من العقاب، ونحوهما١؛ لأنه١ لو كان كذلك كان مشتقا عربيا، ولوجب صرفه كما تصرف "يربوعا، ويعسوبا" اسمي رجل. وإنما هذه ألفاظ أعجمية وافقت ألفاظ العرب، ألا ترى إلى قول النابغة:
نُبِّئت أن أبا قابوس أوعدني ... ولا قرار على زأر من الأسد
فلو كان هذا من قبستُ النار لانصرف؛ لأنه كان يكون بمنزلة "جارود" من الجرد، و"عاقول" من العقل.
وإذا كان الأمر كذلك، فليس لأحد أن يقول: إن "إبراهيم، وإسماعيل" لهما مثال من الفعل، كما لا يمكنه ذلك في: "إِنّ، وثُمَّ، وقد، وسوف" وما أشبه ذلك.
ولكن يقال: إن هذه الأسماء لو كانت من كلام العرب، لكان من٢ حكمها كَيْتَ وكَيْتَ، كما أن "سوف، وحتى" لو سمي بهما، لكان من أمرهما كيت وكيت.
ولم يُرِد أبو عثمان بقوله: "إن الألف لا تكون في الأسماء والأفعال إلا زائدة أو منقلبة" أنها تكون كذلك في جميع الأسماء، وإنما أراد الأسماء العربية المتصرفة.
وقد شرحت هذا في أول الكتاب، وأراد جميع الأفعال؛ لأنها متصرفة مشتقة من مصادرها.
_________
١، ١ زادت ظ، ش في هذا الموضع: ولا يكون من هذا، ولا معنى له.
٢ من: ساقط من ظ، ش.
1 / 128