هذا تعريف «سقراطي» عام يصدق في أي مكان وزمان، ينطبق على الفرد كما ينطبق على الدولة. لكن «وظيفته» غير محددة، لا ندري ماذا نصنع به، وخصوصا حين تكون بصدد الحكم وتدبير شئون الناس.
فلننظر في تعريفات أخرى، يذكرها أفلاطون ثم يفندها: هي الصدق في القول والوفاء بالدين، هي إعطاء كل ذي حق حقه (كما قال الشاعر القديم سيمونيديس - ولد حوالي 556 ومات حوالي 468ق.م)، أي تقديم الخير للصديق والشر للعدو، وهي صالح الأقوى وبلاهة مبعثها الطيبة ... «في رأي السفسطائي ثراسيماخوس» (الجمهورية 338-339-241)، وهي تفوق القوي على الضعيف، أو أداة من وضع الضعفاء ليقاوموها بها الأقوياء (كاليكيليس في جورجياس 383-490).
هل نجد التعريف الجامع أم تمضي الجمهورية في طرح سؤال بعد سؤال؟ هل يقنع سقراط بطرح الشبكة وهو الزاهد في الصيد، «كما هو حال الصياد المعجز في كل حوار؟»، أم ترسو سفن الجدل على شط آمن؟
حقا، هذا ما سوف نراه:
العدالة هي أداء كل إنسان للوظيفة التي يصلح لها.
لكل إنسان في المدينة العادلة وظيفة واحدة محددة.
لكل امرئ، في أي دولة يحسن قادتها حكمها، مهمة يتعين عليه القيام بها (الجمهورية 317، 403، 406، 433).
5
سقراط :
ولهذا كان من خصائص دولتنا وحدها أن الحذاء فيها حذاء فحسب وليس ملاحا في الوقت نفسه، وأن الزارع زارع فقط وليس قاضيا في الوقت ذاته، وأن الجندي جندي وليس تاجرا كذلك، وكذا الأمر في الجميع». ويرد عليه أديمانتوس بقوله: هذا صحيح (387).
صفحة غير معروفة