170

مختصر زاد المعاد

الناشر

دار الريان للتراث

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

مكان النشر

القاهرة

وألف دينار، وجاء البكاؤون وَهُمْ سَبْعَةٌ، يَسْتَحْمِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: ﴿لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾ [التوبة: ٩٢] وَأَرْسَلَ أبا موسى أَصْحَابُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ لِيَحْمِلَهُمْ فَوَافَاهُ غَضْبَانَ، فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ»، ثُمَّ أَتَاهُ إِبِلٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فقال: «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الذي هو خير»، وقام رجل فصلى من الليل وبكى، ثم قال: اللهم إنك أمرت بالجهاد، وَلَمْ تَجْعَلْ فِي يَدِ رَسُولِكَ مَا يَحْمِلُنِي عَلَيْهِ، وَإِنِّي أَتَصَدَّقُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلِمَةٍ أَصَابَنِي فِيهَا مِنْ مَالٍ أَوْ جَسَدٍ أو عرض، ثم أصبح فقال ﷺ: «أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ الليلة؟ فلم يقم أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ؟ فَلْيَقُمْ، فَقَامَ إليه الرجل فأخبره فقال: أبشر والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ كُتِبَتْ فِي الزَّكَاةِ الْمُتَقَبَّلَةِ، وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ فلم يعذرهم» . وكان ابن أُبي قَدْ عَسْكَرَ عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ فِي حُلَفَائِهِ من اليهود والمنافقين، فيقال: ليس عسكره بأقل العسكرين، واستخلف ﷺ عَلَى الْمَدِينَةِ مُحَمَّدَ بن مسلمة، فلما سار تخلف ابن أُبيّ ومن كان معه، «واستخلف علي بن أبي طالب على أهله، فقال: تُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غير أنه لا نبي بعدي» . وَتَخَلَّفَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع وأبو خيثمة وأبو ذر، ثُمَّ لَحِقَهُ أبو خيثمة وأبو ذر، ووافاها رسول الله ﷺ في ثَلَاثِينَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ، وَالْخَيْلُ عَشَرَةُ آلَافِ فَرَسٍ، وَأَقَامَ بِهَا عِشْرِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وهرقل يومئذ بحمص، ورجع أبو خيثمة إلى أهله بعد مَسِيرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أياما، فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ فِي عَرِيشَيْنِ لَهُمَا فِي حائط، قَدْ رَشَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا، وَبَرَّدَتْ له فيه مَاءً، وَهَيَّأَتْ لَهُ فِيهِ طَعَامًا، فَلَمَّا دَخَلَ قام على باب العريش فنظر إلى المرأتين وَمَا صَنَعَتَا لَهُ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الضِّحِّ وَالرِّيحِ وَالْحَرِّ، وأبو خيثمة فِي ظِلٍّ بَارِدٍ، وَطَعَامٍ مُهَيَّأٍ، وامرأة حسناء، ما هذا بالنصف؟ وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا، حَتَّى ألحق

1 / 172