مختصر التحفة الاثني عشرية
محقق
محب الدين الخطيب
الناشر
المطبعة السلفية
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
العقائد والملل
فرد منهم بخصوصه وليست كل كثرة تمنع أن تلاحظ بعنوان الوحدة ولو كانت غير متناهية فضلا عن غيرها. مثلا إذا قلنا: كل عدد هو نصف مجموع حاشيتيه إما فرد وإما زوج ففي هذا الحكم وقع التوجه إلى جميع مراتب الأعداد إجمالا ولا شبهة أن مراتبها غير متناهية. وفي قولنا: كل حيوان حساس وقع الحكم على جميع أفراد الحيوان مع أن أنواعه بأسرها غير معلومة لنا فضلا عن الأوصاف والأشخاص. فلا شعور لهذا القائل بالملاحظة الإجمالية التي تكون حاصلة للصبيان والعوام ولا يفرق بين العنوان والمعنون. ولو لم يقبل هذه التقريرات ولم يضع إليها لكونها من العلم المعقول فنسأل عن المسلمات الدينية ونقول: إن ترك الموالاة من الكفار بل عداوتهم كلهم أجمعين من حيث الكفر واجبة أم لا؟ فإن اختار الشق الأول يلزمه ذلك المحذور بعينه إذ معرفة كل منهم غير حاصلة فضلا عن عداوتهم وإن آثر الشق الثاني فكيف يثبت عداوة يزيد وابن زياد وأمثالهما؟ وبماذا يجيب عن الآيات القرآنية مع أن فرقة المؤمنين يكون معرفتهم وامتيازهم من جهة الإيمان حاصلة وأنواع الكفر ليست معلومة أصلا حتى يمكن لنا أن نميز أنواع الكفار فضلا عن أشخاصهم؟ وأيضا منقوض بوجوب موالاة العلوية الداخلة في اعتقادهم ومعرفة أشخاصهم وأعدادهم مع انتشارهم في مشارق الأرض ومغاربها التي ليس تعذرها أقل من تعذر موالاة المؤمنين عموما.
ومن جملة ما قال إنه يظهر من بعض أحاديث أهل السنة أن بعض الصحابة التمسوا من الرسول ﷺ الاستخلاف كما ذكر في مشكاة المصابيح عن حذيفة قال: «قالوا يا رسول الله لو استخلفت؟ قال: لو استخلفت عليكم فعصيتموه عذبتم ولكن ما حدثكم حذيفة فصدقوه وما أقرأ كم عبد الله فاقرأوه» (١) رواه الترمذي. وهكذا استفسروا منه ﵇ عن الحري بالإمامة عن علي قال: «قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك؟ قال: إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينا في الدنيا راغبا في الآخرة وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم وإن تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الصراط المستقيم» (٢) رواه أحمد، وهذا الالتماس والاستفسار يقتضي كل منهما وقوع التردد في حضرته ﷺ عند نزول الآية فلم يبطل مدلول «إنما» انتهى كلامه.
ولا يخفى على
(١) ضعيف الترمذي: ١/ ٧٩٨. (٢) الحديث موضوع حسب ابن الجوزي في العلل المتناهية: ١/ ٢٥٣.
1 / 147