126

مختصر التحفة الاثني عشرية

محقق

محب الدين الخطيب

الناشر

المطبعة السلفية

مكان النشر

القاهرة

موسى، بل تلك الآيات عند التأمل معَجزة لهم ومكذبة لدعواهم هذه، لأن موسى لم يقل عنه فيما حكي عنه في القرآن المجيد هذا القول ولو بمعناه «اعفني من هذا الأمر» أصلا، ولم يذكر من قبله فيه قط، وكذا هذا القول «أرسل هرون بالرسالة إليهم بدلا مني». وهذه كلها ناشئة من سوء فهم علماء هذه الفرقة وشدة وقاحتهم. نعم قد بين سخافة تكذيب قوم فرعون وخوف قتلهم إياه قبل أداء الرسالة وضيق صدره وقصور لسانه ولكن لا من جهة الاستعفاء والاعتلال بل لطلب العون على امتثال الأمر وتمهيد العذر في طلب المعين، وهذا عين الحجة لقبوله لا على رده ودفعه. وفي آية ﴿واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري﴾ ورد تفسير هذا بأن غرض موسى كان اشتراك أخيه بنفسه في أمر الرسالة لا المدافعة عن نفسه ولا جعل هرون في مكانه. وكذا قوله أخاف أن يكذبون وأخاف أن يقتلون إنما كان لمحض استدفاعه البلاء عن نفسه واستجلابه الحفظ من رب الأرض والسماء لا دفع هذا المنصب العالي عن نفسه. نعوذ بالله تعالى من سوء الفهم والظن لا سيما في حق الأنبياء وخصوصا أولي العزم. العقيدة الثامنة: أن المبعوث من عند الله تعالى إلى الخلق كافة هو محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب بن هاشم ﷺ لا على بن أبي طالب بن عبد المطلب وأن جبريل أمين الله على وحيه الذي جاء به إلى النبي ﷺ من عند ربه لا من نفسه ولم يخن في أداء الرسالة قط. وخالفت الغرابية إحدى فرق الشيعة في ذلك، ولا يمكن الاحتجاج عليهم بالكتاب لأنه وصل النبي ﷺ بواسطة جبرائيل وهو غير مقبول عندهم، ولا بقول الأئمة لأن شهادتهم لجدهم وشرفه يعود إليهم، بل لا بد من أن يحتج عليهم بالتوراة لأنها نزلت دفعة واحدة في الطور بلا واسطة أحد مكتوب على الألواح ولم يكن فيها دخل لجبريل. قال الله تعالى في سفر التكوين من التوراة لإبراهيم: إن هاجر تلد، ويكون

1 / 111