مختصر التحفة الاثني عشرية
محقق
محب الدين الخطيب
الناشر
المطبعة السلفية
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
العقائد والملل
بينهما بالكلية بخلاف آدم فإنه كان بينه وبين هؤلاء الكبار علاقة الأبوة والنبوة، فلزم أن قطيعة رحم القريب وحسد الأولاد الذي هو من المحالات العادية في سلامة الفطرة قد نسب إلى نبي هو أول الأنبياء وكان قبلة الملائكة وساكن الجنة، معاذ الله من ذلك. فهذا هو حال آدم وفعله في حق العباد عند الإمامية، وأما معاملته في حق الله تعالى فنشرحها على طبق ما عندهم من الرواية الأخرى: روى محمد بن الحسن الصفار عن أبي جعفر: قال الله تعالى لآدم وذريته التي أخرجها من صلبه: ألست بربكم وهذا محمد رسول الله ﷺ وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة امري، وأن المهدي أنتقم به من أعدائي وأُعبد به طوعا وكرها؟ قالوا اأقررنا وشهدنا، وآدم لم يقر ولم يكن له عزم على الإقرار به. ولا يخفى أن هذا الخبر قد ذكر فيه كفر آدم صريحا، إذ لزمه كفر الجحود، وهو نوع أشد من أنواع الكفر الأربعة. وتكفير نبي قد خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وقال في حقه ﴿إن الله اصطفى آدم﴾ وأمر الملائكة بالسجود له، كم له بعدٌ عن الدين والإيمان؟ وقد أنكر الشريف المرتضى خير الميثاق في كتابه بالدرر والغرر حمية للإسلام في الجملة، وحكم بوضع ذلك الخبر واختراعه، وأخرج ابن الصفار وشيوخه عن دائرة الإيمان، ولله الحمد.
والعجب من علماء هذه الفرقة أنهم لا يتأملون في نظم الكتاب ولا يجدون أن محل العتاب على آدم ليس إلا أكل الشجرة المنهي عنه فقط، وما هو كبيرة بالإجماع، ولو أن هذه الأمور وقعت منه لكان على الله أن يجعل تلك الأمور محل العتاب لا أكل الشجرة المنهي عنه، وكان يخبر بها دونه، ليكون لأبي بكر وعمر وعثمان عبرة في ذلك فيجتنبوا أمثال هذه القبائح. (١)
وقد لوحظ في كتبهم رواية أخرى أيضا عن الإمامية في ترك العهد الذي كان على آدم. وروى ابن الصفار المذكور في قوله تعالى ﴿ولقد عهدنا إلى آدم﴾ قال عهد الله إلى آدم في محمد والأئمة من بعده، فترك ولم يكن له عزم أنهم كذا.
_________
(١) لعل القارئ قد لاحظ من أول الكتاب إلى الآن أن المؤلف يخاطب الشيعة بعقليتهم ويحتج عليهم برواياتهم وأساليبهم، مبالغة منه في سد أبواب المراء في وجوههم، وليقنع أتباعهم بأن ما هم عليه يناقض دعاويهم وينقضها من أصولها.
1 / 109