أباضية اليوم وأين يوجدون إن أباضية اليوم بالجبل وزواره وجربة ليسوا كأسلا فهم في قليل ولا كثير من التطبيق العلمي لتعاليم الدين فهم الآن كسائر أتباع المذاهب الأخرى سواء بسواء لا يمتازون عنهم بشيء إلا في النادر القليل . أما أهل ميزاب وعمان فإنهم ما زالوا في القيام بشئون الدين على ما يرضي الله ورسوله . وقد قلنا فيما تقدم أن اليد السياسية قضت على وجودهم في أغلب الأقطار فلزم حينئذ أن نبين البقية الباقية و أين مأواها فنقول : يوجد أغلبهم في القطر العماني الواقع على بحر العرب وخليج فارس من شرق الجزيرة العربية حيث لا يقل عددهم هناك عن ثلاثة ملايين ، فهم بعمان أغلبية ساحقة ولهم بها إمام عادل يعين بالشورى ويحكم بينهم بالكتاب والسنة ، وأكثر نواحي القطر تحت حكمه العادل إلا مسقطا وبعض الجهات الساحلية فإنها خاضعة لأمير يلقب بالسلطان وهو أباضي أيضا إلا أنه مشمول بالحماية البريطانية وبينه وبين الإمام اتفاقات وهو كالتابع له من الناحية الدينية . ويوجد نحو ربع مليون من الأباضية بجزائر إفريقيا الشرقية البريطانية التي كانت وما تزال إلى وقت غير بعيد من مستعمرات عمان ولا يزال سلطان زنجبار ( قاعدة ) هذه الجزر أباضيا يتولاها هو وآباؤه بالوراثة السياسية وهم وسلاطين مسقط من أسرة واحدة. ويوجد منهم بشرق افريقيا البريطاني ( الألماني سابقا ) عدد عديد لا ندري بالضبط ولا بالتقريب كميته وإن كنا نجهل أن سكان هذا الإقليم يزيدون على العشرة ملايين . وكان حاكم عاصمته ( دار السلام ) في العهد الألماني أباضيا . وهذا يدل على كثرتهم وقوة نفوذهم هناك . على أن هذه المستعمرة الكبرى كانت أيضا من مستعمرات عمان كما سيأتي بيانه عند الكلام على انتشار المذهب بالشرق . ويوجد منهم في افريقيا الشمالية بجبل نفوسة وزوارة من طرابلس وجزيرة جربة من تونس ووادي ميزاب بالجزائر ما يربو عددهم عن المائتي ألف .
صفحة ٣٢