ولكن النفوس البشرية إذا ألقي إليها الحبل على الغارب عدت كل ما خالف هواها تطرفا في المبدأ وغلوا في الدين فلا يطرب لها إلا معان في ملاذ هذه الفانية بجميع ما فيها من الموبقات المهلكة المكتسحة لما سيبقى في النفوس من الدين والأخلاق لا سيما أولئك الجبابرة الذين استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا فعمدوا إلى حمل من يذعن إليهم من الفقهاء على تأويل كل ما يخالف أهواءهم وتهوين ما لا يقبل التأويل مما ينتهكونه من محارم الله . وقد آن لي أن أقول أن من يمعن النظر ويتعمق في البحث ويقارن بين أصول المذاهب الإسلامية وقواعدها العامة لا يلبث أن يسلم بأن هذا المذهب هو أكثر المذاهب انطباقا على الكتاب والسنة وأبعدها عن التأثر بالشخصيات في مبادئه العامة إيمانا وعملا ويجده أيضا أطهرها من المبتدعات المنكرة مما يأتيه شيوخ الطرق الموجودة في غيره من المذاهب والتي لا أصل لوجودها فيه من لدن إمامه الأول إلى يومنا هذا.
صفحة ٣١