قال أبو معاوية بن هشام لخالد بن صفوان: بم بلغ فيكم الأحنف بن قيس ما بلغ? قال: إن شئت حدثتك ألفا وإن شئت حذفت لك الحديث حذفا. قال: احذفه لي حذفا. قال: فإن شئت فثلاثا، وإن شئت فاثنتين، وإن شئت فواحدة. قال: ما الثلاث? قال: كان لا يشره ولا يحسد ولا يمنع حقا. قال: فما الاثنتان? قال: كان موقفا للخير، معصوما من الشر. قال: فما الواحدة? قال: كان أشد الناس على نفسه سلطانا.
كانوا يتكلمون عند معاوية والأحنف ساكت فقالوا ما لك لا تتكلم? قال: أخشى الله إن كذبت وأخشاكم إن صدقت.
عن سليمان التيمي قال: قال الأحنف بن قيس: ما ذكرت أحدا بسوء بعد أن يقوم من عندي.
عن مولى كان يصحب الأحنف قال: كنت أصحبه فكان عامة صلاته بالليل الدعاء. وكان يجيء إلى المصباح فيضع إصبعه فيه ثم يقول: حس. ثم يقول: يا حنيف ما حملك على ما صنعت يوم كذا? ما حملك على ما صنعت يوم كذا? عن الحسن قال: قال الأحنف بن قيس: والله ما سمعت كلمة إلا طأطأت لها رأسي لما هو أعظم منها.
قال الأحنف لا مروءة لكذوب، ولا راحة لحسود، ولا حيلة لبخيل، ولا سؤدد لسيئ الخلق، ولا إخاء لملول.
اشتكى ابن أخي الأحنف إلى الأحنف بن قيس وجع ضرسه فقال له الأحنف: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة ما ذكرتها لأحد.
قيل للأحنف بن قيس: ألا تأتي الأمراء? قال: فأخرج جرة مكسورة فكبها فإذا كسر. فقال: من كان يجزئه مثل هذا ما يصنع بإتيانهم? وقال محمد بن سعد: كان الأحنف صديقا لمصعب بن الزبير، فوفد عليه الكوفة ومصعب وإليها يومئذ، فتوفي الأحنف عنده فرئي مصعب في جنازته يمشي بغير رداء.
أبو عثمان النهدي
قال معتمر بن سليمان، عن أبيه: إني لأحسب أبا عثمان كان لا يصيب ذنبا. كان ليلة قائما ونهاره صائما. وإن كان ليصلي حتى يغشى عليه.
كان أبو عثمان إذا دعا ودعونا يقول: والله لقد استجاب الله عز وجل، قال الله: ادعوني أستجب لكم ...
صفحة ٢٦٤