<(القول في سماع العلم من أهل الخلاف). قال الحسن بن يحيى عليه السلام: سألت عن سماع العلم من أهل الخلاف، وذكرت أن قوما يكرهون ذلك. فالجواب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بلغ ما أمر به، وعلم أمته ما فرض الله عليهم، وما سنه رسول الله ولم يقبض إلا عن كمال الدين، فما روت العامة عن سنته المشهورة أخذت وحملت عن كل من يؤديها، إذا كان يحسن التأدية، مأمونا على الصدق فيها، وما جاء من الآثار التي تخالف ما مضى عليه آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ترك من ذلك ما خالفهم، وأخذ ما وافقهم، ولم يضيق سماع ذلك عن كل من نقله من أهل الخلاف، إذا كان يعرف بالصدق على هذا التمييز، ولا خير في السماع من أهل الخلاف إذا لم يكن مع المستمع تمييز على ما ذكرنا>. انتهى كلامه.
واعلم أن أهل الجرح والتعديل قد نالوا من الشعية والعدلية منالا عظيما، وسموهم رافضة وقدرية، فالله حسبهم.
وروي أن بعض العدلية دخل على يحيى بن معين أحد علماء الجرح والتعديل فلما خرج من عنده سئل عنه فقال: دينه شك، وفتياه وقف، وكلامه طعن. فقيل له: كيف؟ قال: إذا قيل له: أمؤمن أنت؟ قال: إن شاء الله. وإذا سئل عن مسألة روى فيها أقاويل السلف. وإذا قيل: بأيها تأخذ؟ وقف. وإذا قيل له: جابر يعني جابر الجعفي قال: رافضي. وإذا قيل له: قتادة بن دعامة، قال: قدري.
وأنشأ بعضهم فيه:
ولابن معين في الرجال مقالة
فإن تك صدقا فالمقالة غيبة
سيسأل عنها والمليك شهيد
صفحة ٢٨