يقترن ذكر مير حسن بسيرة إقبال، ويشاد بأثر هذا الأستاذ في تأديب تلميذه. فيحسن أن نعرف به بعض التعريف:
2
هو من المنتسبين إلى آل البيت، وكان أستاذ اللغة العربية في كلية سيالكوت، وكان متضلعا في الأدب الفارسي. وكان علما من أعلام البلد، يعرفه الصغير والكبير، مهيبا مبجلا. وكان ضعيف البصر يمشي الهوينى متوكئا على عصا طويلة. ويسير من داره إلى الكلية مسافة ميلين في ساعة، وكان لا يتأخر عن موعده دقيقة.
وقد اقترح عليه عميد الكلية أن يركب عربة على أن تؤدي له الكلية أجرتها. فقال له: أتريد أن أفقد في العربات ما بقي لي من قوة؟! وكان مضرب المثل في ضبط الوقت والتزام المواقيت. واتفق أن تأخر مرة عن اجتماع في الكلية دقيقتين؛ فكان هذا حديثا عجيبا بين زملائه. ومن لطائفه أن عميد الكلية قال له حينما جاء متأخرا:
لقد لبثنا دقيقتين ننتظرك. فأجاب فورا: لا بأس لقد انتظرتك سنين حتى جئت إلى هذا العالم. وكان العميد أصغر منه سنا.
وقد بلغ من هيبته أن الأساتذة والطلبة كانوا إذا رأوه قادما خلوا له الطريق أو أفسحوا له. وكان الطلبة الذين يقرءون عليه العربية يجدون منه شدة وتقريعا أول الأمر، فإذا جاوز المرحلة الأولى أفادوا كثيرا من غزارة علمه.
ولم يكن الشيخ، على هذا، غليظا جافا بل كان ظريفا فكها في مواضع الظرف والتفكه.
وقد وفى إقبال لأستاذه فأشاد بذكره في شعره. ولما عرض على إقبال لقب «سير» كما ترى فيما يأتي، اشترط أن يمنح أستاذه لقب شمس العلماء؛ فأجيب إلى ما اشترط.
نظم الشعر
وكان إقبال في هذه المرحلة من عمره ينظم الشعر، ويزداد على مر الأيام إحسانا فيه. وكان يرسل بين الحين والحين شعره إلى الشاعر داغ أحد شعراء الأردية النابهين. ونظر الشاعر الكبير في قصائد الشاعر الشادي، ثم كتب إليه أن لا ترسل إلي شعرك فما يحتاج إلى تنقيح.
صفحة غير معروفة