تختلف مذاهبهم وآراؤهم في قدر الفنون وخطرها، وتختلف في مقاصد الفنون وغاياتها، وتختلف في مقاييس الحسن والقبح، والكمال والنقص فيها.
وذلكم موضوع واسع مفصل لا يتسع المجال لبحثه كله أو بعضه. فحسبي التمثيل ببعض المذاهب وأصحابها تمهيدا للإبانة عن مذهب إقبال:
الفن له مقاصد
يرى كثير من النقاد أن الفنون محاكاة الطبيعة. وأقدم من أثرت آراؤهم في هذا أفلاطون وأرسطو؛ قالا: إن الفن محاكاة للطبيعة ولكنهما يختلفان فيما بعد هذا.
فأفلاطون يحقر الفنون بأنها محاكاة الطبيعة، والطبيعة نفسها مظاهر خادعة أو ظلال لا حقائق لها. ومذهبه في عالم الحقائق أو المثل وعالم المادة معروف. ويذم أفلاطون التمثيل لأنه يثير العواطف فيصعب كبحها، ويحقر الشعراء بأن خيالاتهم الكاذبة في الله والناس سيئة الأثر في عقول الشبان.
ويستحسن أرسطو الفنون بأنها محاكاة الإنسان لأعمال الإله. إنها تحاكي الطبيعة والإله هو المحرك الأول لها. ويحمد أرسطو الفن كذلك بما يثير العاطفة ويهديها فتسهل السيطرة عليها.
ويؤخذ من هذه الكلمات أن الفيلسوفين يقومان الفنون بما تؤدي إليه من خير وشر. فهما ممن يتبعون الفن المقاصد الأخلاقية. وأكثر النقاد على هذا المذهب يقومون الفن بأثره في الإنسان وصلته بالأخلاق.
ولأفلاطون خاصة عناية بأثر الفن في الأخلاق؛ يرى أن الفن في مادته وصورته، ينبغي أن يقصد إلى الأخلاق والمعرفة، وأن سحر الفن ينبغي أن يستعان به على خلق المواطن الصالح.
ويرى أن تحظر الموسيقى إلا الألحان التي تدعو إلى الشجاعة والإقدام والألحان التي تنبه الإنسان، وتبث في نفسه حب الاعتدال والنظام وتقديس الآلهة.
وأما السرور الذي يبعثه الفن فهو يعين العقل على هداية الإنسان إلى الصراط السوي.
صفحة غير معروفة