<div>____________________
<div class="explanation"> مخيف. ولما رأيت الزمان لا يزداد إقباله إلا إدبارا، وعساكر الرفاهية أبت إلا انكسارا، ورأيت الأجل في اقتراب، والعمر في خراب. مع إبرام الإلحاح والتقاضي، واشتغال الذمة بالنذر الماضي، في ثبت ما سمحت به القريحة الفاترة، و إيراد ما وعته الفطنة القاصرة، لتعذر ما وراء ذلك من الإمعان، ومراعاة التحسين والإتقان، لما ذكرنا من تشويش [بؤس] الزمان، ووصفنا من ترادف الأحزان، قصدا للتخلص من عهدة النذر اللازم، وفرارا من مطالبة اللجوج (1) العازم، وخوفا من لزوم العقاب دون التنويه (2) بالكتاب. مستعينا بالله ومتوكلا عليه، فليس القوة إلا به، ولا المرجع إلا إليه.
فمن وقف فيه على تقصير في إشارة، أو عي في عبارة، أو خلل في إيراد، أو نوع من فساد، فأنا أسأله أولا التثبت في مراجعة الفكر والاعتبار، وتصفح الكتب والأخبار، قبل التسرع بالرد والاهذار، والنظر بعين الإزراء والاحتقار، فإن ذلك من أخلاق اللئام وشعار الجهال الطغام (3).
فإن وجد له شاهدا يعضده، أو نظيرا يؤيده وإلا نزله بذهنه السليم، ولو على التأويل السقيم، جاعلا سمعه تلقاء قوله تعالى: إذ أعلن في كتابه تنبيها وتبصيرا:
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (4).
وإن لم يجد له محملا قط وكان في غاية السقط وسعه عذرا، فإن أخا الفضائل يعذر.</div>
صفحة ٦٥