فمن القياسات التي توجد ما ذكرنا من تصحيح الأحكام على النجوم أشياء كثيرة بعضها ظاهرة عند العامة وبعضها غير ظاهرة عندهم فمن الأشياء الظاهرة التي تعرفها العامة بظاهر تجاربهم أنهم يجدون الأزمنة كالربيع والصيف والخريف والشتاء ئنما إنما يكون بانتقال الشمس في أرباع الفلك ويجدون الطبائع إنما تتغير وتنتقل من بعضها إلى بعض ويقوى بعضها ويضعف بعض بالأزمنة وبموافقتها لها وبمخالفتها إ ياها فإذا كانت الطبائع إنما تتغير بالأزمنة والأزمنة إنما تتغير بانتقال الشمس في أرباع الفلك فانتقال الطبائع بعضها إلى بعض إذا إنما يكون بانتقال الشمس في أرباع الفلك فقد نجد للشمس أيضا في كل يوم وفي كل وقت فعلا في تغيير الطبائع خلاف فعلها في الوقت الآخر وذلك لأنها كلما صارت إلى مشرق موضع من المواضع أو ارتفعت عليهم أو انخفضت عنهم تغيرت طبائعها ومزاجاتها وحدث في هواء ذلك الموضع من الحار أو البارد أو الرطب أو اليابس في حيوانها ونباتها ومعادنها في كل وقت من اليوم والليلة من التغيير والكون والفساد شيء من الأشياء خلاف ما كان عليه في الوقت الآخر وذلك كما نرى في ابتداء حركة الناس وسائر الحيوان عند بلوغ الشمس إلى مشرقهم فما دامت الشمس صاعدة إلى وسط سمائهم فإن حركتهم في زيادة وقوة فإذا مالت الشمس عن وسط السماء فإن حركتهم تضعف وتقل إلى غيبوبة الشمس فإذا غابت الشمس عنهم كان الليل وهدن فيه الأبدان وسكنت وضعفت واسترخت للنوم والهدوء وأوت عامة الحيوان إلى بيوتها وأجحرتها فإذا طلعت الشمس عليهم ثانية في اليوم الآخر رجعوا إلى الحال الأولى من الحركة
فأما النبات فإن فعل الشمس ظاهر فيه لأن كثيرا منه يظهر ويقوى وينمو ويزيد فيها عند طلوع الشمس مثل الريحان الذي يقال له النيلوفر والآذريون والخباز وورق الخروع وأشياء أ خر كثيرة من النبات التي تتحرك وتنموا مع حركتها فإذا غابت الشمس مالت هي وضعفت واسترخت وأظهر من هذا من فعل الشمس أن الزروع والنبات لا تنمو ولا تنشؤ إلا في المواضع التي تطلع عليها الشمس أو يصيبها فيها قوة حرها
صفحة ٥٦