143

المعتصر من المختصر من مشكل الآثار

الناشر

(عالم الكتب - بيروت)،(مكتبة المتنبي - القاهرة)

مكان النشر

(مكتبة سعد الدين - دمشق)

في السحور روى أن رسول الله ﷺ قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" كان الشرع في أول الإسلام أن الصائم إذا قام من الليل يحرم عليه ما يحرم على الصائم إلى خروجهم من صوم الغد كما كان شريعة أهل الكتاب ثم نسخ الله بما نسخه به من كتابه فجاز لنا أن نأكل في لياليه وذكر عن معاذ بن جبل في حديث طويل أن الصيام كان في أول الإسلام وبعد أن قدم النبي ﷺ المدينة سنة عشر شهرا أو سبعة عشر من كل شهر ثلاثة أيام وصوم عاشوراء إلى أن أنزل الله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ فكانوا يمتنعون من الأكل والشرب بعد النوم إلى أن نسخه الله تعالى بقوله: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ .
في بيان وقته روى عن العرباض بن سارية قال سمعت رسول الله ﷺ يدعو إلى السحور في شهر رمضان فقال: "هلموا إلى الغداء المبارك" وعن المقدام عن النبي ﷺ قال: "عليك بهذا السحور فإنه الغداء المبارك" تسمية السحور غداء وإن كان خلافه لمجاورته إياه من تسمية الشيء باسم ما قرب منه ويحتمل أن يكون ذلك حين كان الصيام من طلوع الشمس إلى غروبها عن حذيفة قال: أكلت وشربت بعد الصبح مع الرسول ﷺ غير أن الشمس لم تطلع فكان غداء على حقيقته وقال القاضي: الأشبه أنه إنما سمي غداء لأن للصائم مكان الغداء لغيره إذ كان عند العرب في حن الغداء أكلتان في اليوم قال الله تعالى في مخاطبته إياهم بما يعتادون: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ فتحولت أكلة الغداة للصائم إلى قرب السحر فسميت سحورا وسميت غداء لأنها بدل منها عند عدم القدرة عليها بتحريم الأكل والشرب في ذلك الوقت كما سمى التيمم طهارة لأنه بدل منها عند العجز.

1 / 140