المعتبر (ج3) لأبي سعيد الكدمي

أبو سعيد الكدمي ت. 361 هجري
87

المعتبر (ج3) لأبي سعيد الكدمي

تصانيف

ومعي أنه قد قيل: إن الماء الذي يخرج من فرج المرأة الثيب، سواء كان ذلك بعد وضوئها، أو كان بعد غسلها من جنابة أو غسلها من حيض، فعندي أنه إذا ظهر لها أن ذلك الماء الخارج، هو من الماء الطاهر الذي يدخل في فرجها عند التطهر، فيخرج ذلك الماء منها، وهي لا تعرفه، فقد اختلفت أقوالهم في ذلك:

ففي بعض ما قيل: إن هذا الماء وان كان طاهر الأصل، حين كانت تتطهر به فدخل الفرج وهو طاهر، فإنه قد يكون مختلطا مع مخرج النجاسة، وعلى ذلك فهو نجس، ما لم نستيقن أنه كان من الماء الباقي من الماء الطاهر.

وفي بعض القول: إن ما احتمل أن يكون ذلك الماء باقيا من الماء الطاهر، فهو على هذا المعنى طاهر، حتى يخرج متغيرا، وعندي أن أصحاب هذا القول اعتبروا فيه حال التغير بالمكث، لأنه في الغالب لا يخرج متغيرا إلا إذا كان قد غيره شيء من غير جنسه، والغالب أن هذا الشيء الذي غيره، نتج عما في الموضع النجس، فثبت بذلك له حكم النجاسة، بسبب ما دخل عليه من نجس غيره.

وعلى هذا القول فإن هذا الماء لا يخرج عن حال الماء الطاهر، أولا يمكن أن يكون من الماء الطاهر، المحتقن في الفرج من حيث تبلغ الطهارة من ذلك الوضوء، الذي قد توضأت فيه وتطهرت به.

وهذان القولان عندي كل واحد منهما يشبه عندي معنى أصل في الحكم، فقول من قال بنجاسته لمخرجه من مرض مجرى النجاسة، وهو حكم مبنى على الأغلب من أحوال الخارج من ذلك الموضع فإنه مجرى النجس، وأن حكم الخارج من النجاسة نجس في الحكم، أما قول من قال بطهارته ،حتى يصح ما يفسد هذا الماء الطاهر، ويتأكد من بعض أوجه اليقين، ويخرج هذا القول عندي إذا كان خروج هذا الماء على أثر طهارة منها، قد غسلت فيها الفرج، وطهرت الموضع في أي وجه من وجوه الطهارة في وضوء أو غسل من جنابة أو غسل من حيض، فإذا كانت طهرت الموضع على هذا في داخل الفرج، فإن هذا الماء طاهر.

صفحة ٨٩