ومعي أنه إذا ثبت ذلك فقيؤها مما أشبه معاني فرثها وجرتها، وهو مثل بولها ولا فرق فيه عندي في المعنى والشبه سواء، فالذي يذهب إلى فساد فرثها يلزمه أن يفسد جرتها وقيأها، والذي لا يفسد فرثها يلزمه ويجوز له أن لا يفسد قيأها ولا جرتها، والذي يفسد أحدهما يلزمه فساد الجميع منها.
وأما فرثها فمعي أنه يختلف في نجاسته، وأحسب أن الذي يذهب إلى نجاسته يحتج بقول الله تعالى: ( من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ) .
فمعي أنه يقول: إن الفرث مثل الدم إذا كانا مشتبهين في هذا المعنى.
ومعي أنه من قول من قال بطهارة الفرث وما في الكرش يقول: إنما كان معنى قول الله -تبارك وتعالى-: ( من بين فرث ودم )، شيئين مختلفين، كل واحد منهما لون، لأن ذات اللبن إنما قي محشاة دما في عروقها وفرثا في جوفها، واللبن إنما يخرج من بين ذلك، كلما كثر الفرث من البدن وأكثر الدم واجتلب اللبن،من بين شيئين مختلف لونهما، خرج لبن خاص مخالف لهما في اللون والطعم، وإنما ذلك مما يذكرهم الله من نعمه تبارك وتعالى.
ويلزم من قال بفساد الفرث أن يفسد الروث، لأنه منه ومخالط له ومتصل به، ومنتقل من حاله إليه، ويلزم في الاعتبار أن يكون ما خرج من الدبر من الروث أشد مما خرج من الفم، لأنه أبطأ في حال النجاسة وأعتق إن كان نجسا، و إلا فلا معنى في انتقاله في حال إلى حال، أن يطهر به في حال الانتقال من هذا الوجه، وهذا المعنى لأنا وجدنا حال معاني الاتفاق يفضي على كل من أفسد فيه أفسد ما خرج منه من دبره، وأثبت في معاني الاتفاق في قول أصحابنا وقومنا مما يطول شرحه.
والأنعام معنا يشبه معاني أحكامها في قول أصحابنا أن جميع ما فيها في حياتها مما يخرج منها طاهر، إلا بولها ودمها، وكذلك بعد ذكاتها يشبه معاني ذلك فيها.
وأما في قول قومنا وفيما شاء الله منه، أنه يذهب إلى طهارة جميعها إلا الدم المسفوح منها في حياتها، وبعد ذكاتها من بولها وفرثها في جميع ما فيها.
صفحة ١٠٤