قال رجاء: فقلت عبيد الله بن مروان، رجل من أهل بيتك.
قال: والله، ما يستنضج الكراع.
قلت: فأخوك سعيد بن عبد الملك.
قال: إن كانت أمُّه لغالبة على رأيه.
فذاكرته عمر بن عبد العزيز.
قال: أعمر؟ قلت: نعم.
قال: وكيف أصنع بوصية عبد الملك؟ فإنه أخذ عليّ وعلى الوليد أنّ أيَّنا بقي بعد صاحبه أن يعقد لابني عاتكة - يعني يزيد ومروان -.
قلت: يا أمير المؤمنين، بنو أخيك بالباب.
قال: أدخلهم، لا قرَّبهم الله.
قال: فدخل أربعة عشر من ولد الوليد، فسلموا عليه.
فلما نظر إليهم قال: ألكم حاجة؟ قالوا: يسلمك الله يا أمير المؤمنين.
قال: إذا شئتم.
فلما ولُّوا قال:
إنَّ بنيَّ صبية صيفيون ... أفلح من كان له ربعيُّون
إنَّ بنيَّ صبية صغار ... أفلح من كان له كبار
قال رجاء: قلت يا أمير المؤمنين، قد أفلح من تزكَّى، وذكر اسم الله فصلَّى.
قال: نعم، أستغفر الله.
قال رجاء: يا أمير المؤمنين، فاعهد عهدا، وأشهد عليه.
ففعل.
فلم يلبث بعد ذلك إلا سبعة أيام حتى هلك.
قال: فخرج رجاء بالكتاب، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: " هذا عهد أمير المؤمنين ".
فقال يحيى بن سعيد بن العاص: وما فيه؟: فنظر إليه رجاء نظرة تكاد تقتلعه من الأرض، وقال: وما أنت والكلام؟ ثم تأوّل هذه الآية " وإن تعدُّوا نعمة الله لا تحصوها "؛ أي في عمرو بن سعيد وما كان منه.
فقال رجل ليحيى بن سعيد: مالك والكلام، والسيف يقطر دما؟.
قال: أردت أن استقري ما عند القوم.
قال هشام: لا الآن، فيه رجل من ولد عبد الملك.
فقال له رجاء: يا أحول، ما أنت والكلام؟ قال: ففضّ الكتاب بعد موت سليمان، فإنه فيه عمر بن عبد العزيز، ويزيد ابن عبد الملك من بعده.
فسلّم ولده ورضوا.
قال ابن عياش، وأخبرنا ... الطلت مولى لبني أمية قال: ثم أقبل رجاء إلى عمر بن عبد العزيز، وهو في المقصورة، فأخذ بيده، فجعل يتلكَّأ.
فقال له رجاء: إن الذي تصنع شرٌّ.
فقال عمر: إن هذا الأمر ما سألته الله في صلاة ولا سرّ ولا علانية.
فلما انصرف من الجنازة، وصلى على سليمان قلت، لأنظرن ما يصنع.
وكتب في الآفاق بردّ المظالم، وعزل أهل بيته عن الأعمال، وأظهر عزلهم، ورد مظالمهم، وكان مقامه بدابق شهرين، ثم انصرف إلى منزله بدير سمعان، فلم يزل بها إلى أن توفى، رحمة الله عليه.
1 / 54