(43) حدثنا الحسن ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال :قال إسحاق : وحدثني محمد بن إسحاق ، ورفع الحديث إلى حديث وفد عاد حين بعثهم قومهم يستسقون لهم ، وكان أهل مكة يومئذ العماليق ، وإنما سموا العماليق لأن آباهم عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح ، وكان سيد العماليق بمكة إذ ذاك فيما يزعمون رجلا يقال له : معاوية بن بكر ، وكان أبوه بكر بن حيا في ذلك الزمان ، ولكنه كان قد كبر ، فكان ابنه معاوية يرأس قومه ، وكان السؤدد والشرف من العماليق فيما يزعمون في ذلك البيت ، وكانت أم معاوية بن بكر كلهدة بنت الخيبري وقال محمد بن إسحاق : كلهدة رجل من عاد ، فلما قحط المطر عن عاد وجهدوا ، قالوا : جهزوا وفدكم إلى مكة يستسقون لكم فإنكم قد هلكتم ، فبعثوا قيل ابن عتر ولقيم بن هزال بن هذيل بن عتيل وقال بعضهم : ابن عتل بن صد بن عاد الأكبر ، ومرثد بن سعد بن عفير ، وكان مسلما يكتم إيمانه ، وجلهمة بن الخيبري خال معاوية بن بكر أخي أمه ، ثم بعثوا لقمان بن عاد الأصغر بن صد بن عاد الأكبر ، فانطلق كل رجل من هؤلاء القوم برهط من قومه حتى بلغ عدة وفدهم سبعين رجلا ، فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر وهو بظاهر مكة خارجا من الحرم فأكرمهم وأنزلهم وكانوا إخوانه وأصهاره وكانت هذيلة بنت بكر أخت معاوية بن بكر لأبيه وأمها كلهدة بنت الخيبري ، تحت لقيم بن هزال بن هذيل بن عتيل بن صد بن عاد الأكبر ، فولدت له عتيك بن لقيم ، وغنم بن لقيم ، وعامر بن لقيم ، وغفير بن لقيم بن هزال ، فكانوا في أخوالهم بمكة عند معاوية بن بكر ، فهم عاد الآخرة التي بقيت من عاد الأولى ، يقول الله عز وجل { وأنه أهلك عادا الأولى } فلما نزل وفد عاد على معاوية بن بكر أقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان قينتان كانت لمعاوية بن بكر وكان مسيرهم شهرا ومقامهم شهرا فلما تراءى معوية بن بكر طول مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوثون لهم من البلاء الذي أصابهم شق ذلك عليه ، وقال : هلك أخوالي وأصهاري ما لعاد خلق أشم مني اجلسوا هؤلاء عندي وقد هلك من وراءهم عطشا ، وهم ضيفي نازلون علي ، فوالله ما أدري كيف أصنع ، أستحي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه ، فيظنوا أنه ضيق بمقامهم عندي ، وقد هلك من وراءهم من قومهم جهدا وعطشا فشكا ذلك من أمرهم إلى قينتيه ، فقالتا : قل : شعرا نغنيهم به ، لا يدرون من قاله ، لعل ذلك يحركهم فقال معوية بن بكر حين أشارتا عليه بذلك : ألا يا قيل ويحك قم فهينم لعل الله يصلحنا غماما فيسقي أرض عاد إن عادا قد أمسوا لا يبينون الكلاما من العطش الشديد فليس نرجوا به الشيخ الكبير ولا الغلاما وقد كانت نساؤهم بخير فقد أمسى نساؤهم عياما وإن الوحش تأتيهم جهارا فلا تخش لراميهم سهاما وأنت ههنا فيما اشتهيتم نهاركم وليلكم التماما فقبح وفدكم من وفد قوم ولا لقوا التحية والسلاما فلما قال معاوية ذلك الشعر غنتهم به الجرادتان فلما سمع القوم ما غنتا به قال بعضهم لبعض : يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم من هذا البلاء الذي نزل بهم ، وقد أبطأتم علهم فقال : قيل وهم سيدهم الخمر عليه حرام حتى يذهب فيستسقي قومه ، ثم قالوا : ادخلوا هذا الحرم فاستسقوا لقومكم ، فقال مرثد بن سعد بن عفير : إنكم والله لا تسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم وأنبتم إليه سقيتم فأظهر إسلامه عند ذلك ، فقال لهم جلهمة بن الخيبري خال معاوية بن بكر حين سمع قوله وعرف أنه قد اتبع دين هود وآمن به : يا أبا سعيد إنك من قبيل عاد ، وأمك من ثمود ، وثمود إذ ذاك بالحجر بين الشام والحجاز ، هي بلادهم ، فكيف تأمرنا بقول دين أبينا وأبيك ؟ وقال في ذلك ؟ أتأمرنا لنترك دين رفد وزمل وآل صد مع العتود ونترك دين آباء كرام ذوي رأي ونتبع دين هود ورفد وزمل وصد قبائل عاد هم العتود ثم قال لمعاوية : أحبس عنا مرثد بن سعد ، لا يقدمن معنا مكة فإنه قد اتبع دين هود وترك ديننا ، ثم خرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد فلما ولوا إلى مكة خرج مرثد بن سعد من منزل معاوية بن بكر حتى أدركهم بها يعني مكة ، قبل أن يدعو بشئ مما خرجوا له ، فلما اجتمعوا ليدعوا ، قال مرثد : اللهم أعطني سؤلي وحدي ولا تدخلني في شئ مما يدعوك به وفد عاد
صفحة غير معروفة