ولربما كان الإله الذي تعبده الملكة والذي كانت تفكر فيه في قصرها، قريبا من قلب خادمته حقيقة.
الفصل الحادي عشر
الكتب المصرية
إن لم يكن المصريون هم أول من دون آراءه بالكتابة - وبعبارة أخرى أول من اخترع الكتب فقد كانوا بلا ريب بين أوائل من اخترعوا هذا الفن. وإن أحد كتبهم - المملوء بالحكم والنصائح يسديها أب لابنه - لهو أقدم كتب الدنيا جميعا.
ونحن كثيرا ما نستعمل كلمتين جديرتين بأن يذكرانا دائما بفضل المصريين القدماء؛ أولهما
The Bible ، ومعناها الكتاب، والثانية
، ومعناها الورق، ونحن إن كتبنا الأولى فإننا نستعمل كلمة من الكلمات الإغريقية التي أطلقت قديما على النبات الذي اتخذ منه المصريون كتبهم (يعني ورق البردي)، وإذا كتبنا الكلمة الثانية فإننا نستعمل اسما آخر، وهو الأشيع لنفس النبات؛ لأن المصريين كانوا أول من صنع الورق، وقد استعملوه قرونا قبل أن يعرفه الناس. ومع ذلك فلو رأيت كتابا مصريا قديما لعجبت من شكله ونظامه، ولعلمت أنه يختلف كل الاختلاف عن كتبنا الجميلة التي نمسكها بقبضة يدنا ونطالعها.
كان المصري إذا أراد أن يصنع كتابا جمع سيقان البردي الذي ينمو في بعض جهات القطر التي تكتنفها المستنقعات، وهذا النبات ينمو لارتفاع اثنتي عشرة قدما، وقد يبلغ خمس عشرة قدما، أما سمك سيقانه فلا يقل عن ست بوصات، وكان يقشر الجزء الخارجي من الساق، ثم يقطع الجزء الباقي قطعا طوليا إلى طبقات رقيقة بآلة حادة. وتوضع هذه الطبقات بجانب بعضها حتى تتصل أطرافها، ثم يراق الصمغ على سطحها الأعلى، ثم يأتي بطبقة أخرى ويضعها عرضا على الجزء الأعلى من الطبقة الأولى، ثم تضغط الطبقتان وتجففان.
ويختلف اتساع العرض تبعا للغرض الفني الذي صنعت الأوراق له، وأعظم عرض عثر عليه للآن لا يزيد على سبع عشرة بوصة، ومعظم النسخ الأخرى أضيق من ذلك.
فإذا انتهى المصري من صناعة ورقه، فإنه لا يجمعه ملازم ويغلفه كما نفعل الآن، ولكنه يوصل الورق من الطرف الأعلى، ثم يكتب، فإن احتاج لورق ألصق ورقة بورقة، وهكذا. ويلف الجميع إن أراد أن يسير وكتابه في يده. وعليه؛ فالكتاب كان لفة من الأوراق قد تبلغ - أحيانا - عدة أقدام طولا. وعندنا في دار الآثار البريطانية كتاب مصري طوله مائة وثلاثون وخمس أقدام، ونحن نعجب من الكيفية التي كانوا يحملون بها أمثال هذا الكتاب.
صفحة غير معروفة