وكان فرح الأطفال بالصيد عظيما، ولم يكن ألذ عندهم من وجودهم في القارب ينتظرون طيران طائر ليصطادوه. وإنه وإن لم يكن يعرفون من فنون اللهو ما نعرف الآن؛ إلا أنهم فرحوا بما كان بين أيديهم كما نفرح بما بين أيدينا.
الفصل السابع
بعض الأساطير
كان الأطفال ذوو الوجوه السمر الذين يعيشون في مصر منذ ثلاثة آلاف سنة مغرمين مثل أطفالنا بالقصص التي تبدأ ب «يحكى أن»، وسأقص عليك الآن بعض القصص التي كانت تحكى لتاهوتي و«سن سنب» إذا خيم الليل، وإذا انتهيا من عملهما المدرسي ولهوهما.
وهي أقدم قصص خرافية ولو أنها منسية الآن، وقد اخترعت قبل أن يفكر أحد في كتابة قصة «جاك» و«بينستوك» بقرون عديدة.
في ذات يوم دعا الملك خوفو(وهو الذي بنى هرم الجيزة الأكبر) أولاده وعقلاء مملكته، ثم قال لهم: «هل فيكم من يستطيع أن يروي لي قصص قدماء الساحرين؟» وهنا وقف الأمير بوفرا - ابن الملك - وقال: «مولاي، سأروي لكم قصة غريبة حدثت في عهد الملك سنيفرو أبيكم العظيم.»
فقد تضايق الملك يوما، وشعر بالسأم والضجر، ولم يجد ما يفرج به عن نفسه الملل، وأخيرا قال لضباطه: «أحضروا إلي الساحر زازامانخ.» فلما مثل بين يديه قال له الملك: «أيها الساحر زازامانخ، لقد بحثت في جميع قصري، فلم أجد ما يذهب عني الملل.»
فقال الساحر: «تفضل يا مولاي بالركوب في القارب، ودعه يسير بنا في بحيرة القصر، ومر بإحضار عشرين فتاة ليحركن المجاديف، وركب في القارب مجاديف من الأبنوس المرصع بالذهب والفضة، ولا بد أن تفرج عنك يا مولاي بالنظر إلى طيور الماء، وشواطئ البحيرة الجميلة، والحشائش الخضراء، وتعيد لنفسك سرورها.»
وركب الجميع في السفينة الجميلة، التي سارت بهم في بحيرة القصر، وكان على كل جانب من جانبي السفينة تجلس تسع فتيات يجدفن، أما الاثنتان الباقيتان، وكانتا أجمل الفتيات، فقد جلستا في مؤخر السفينة بجانب الدفة، وأخذتا تنشدان لحنا خاصا للتجديف، وابتدأ السرور يعاود الملك كلما توغل القارب داخل البحيرة، وكانت المجاديف ترتفع في الهواء وتغوص في الماء على نغم الفتاتين الجميلتين.
ولكن حدث أن مجداف إحدى الفتاتين الجميلتين لمس خطأ رأس الفتاة الثانية، فسقط تاج فيروزي صغير كان على رأسها، فتوقفت عن التجديف وعن الغناء، وتوقفت الفتيات اللائي في صفها كذلك. فسأل الملك: «لم توقفتن عن العمل؟»
صفحة غير معروفة