الفصل الثاني
الأمير (إسماعيل)1
وإذا رأيت من الهلال نموه
أيقنت أن سيكون بدرا كاملا
هو ثاني ثلاثة أنجال البطل المغوار، والقائد المقدام، إبراهيم باشا، ابن محيي الديار المصرية، الباشا العظيم والغازي المهيب، الأمير (محمد علي) المكدوني مولدا، والمصري قلبا ومطامع وجهادا.
ولد في 31 ديسمبر سنة 1830، على أصح تقدير، في قصر المسافرخانه، بمصر، ومن المؤرخين من يجعل مولده في 15 أو 27 ديسمبر سنة 1827 - من والدة غير والدتي أخويه الاثنين: البرنس أحمد رأفت والبرنس مصطفى فاضل: وتربى في حجر والده وبحياطة جده، في المدرسة الخصوصية التي أنشأها في القصر العيني (محمد علي باشا) لتربية الأمراء أولاده الصغار وأولاد أولاده.
فتعلم (إسماعيل) فيها، على يد نخبة من مهرة الأساتذة، مبادئ العلوم واللغات العربية والتركية والفارسية، ونزرا يسيرا من الرياضيات والطبيعيات.
ولكنه أصيب برمد صديدي، لم تفتأ آثاره، بعد زواله، تؤلم جفونه، وعجز الأطباء بمصر عن مداواته، فأرسل إلى ڨيينا، وهو في الرابعة عشرة من عمره، ليعالج فيها، ويربى، في الوقت عينه، تربية أوروبية.
فقضى هناك عامين تحسنت صحته فيهما تحسنا بينا، وفارق الألم جفونه، فأمر جده بانتقاله إلى المدرسة المصرية في باريس، وهي دار تربية أسسها في تلك العاصمة (محمد علي) عينه - عملا بنصائح فرنساوي يقال له: المسيو چومار - للنشأة المصرية اللبيبة، وأرسل إليها ولديه الأميرين حليم وحسين والأمير أحمد ولد إبراهيم ابنه مع نخبة من شبان مصر الأذكياء، منهم شريف باشا، ومراد باشا، وغيرهما، تحت رياسة وجيه أرمني اسمه اسطفان بك، وإدارة وكيل له اسمه خليل أفندي تشيراكيان.
فانتقل الأمير (إسماعيل) إليها، وهو في السادسة عشرة من عمره، وتبارى على مقاعدها، وفي مضمار تعليمها، مع أذكى أولئك الشبان وأكثرهم نشاطا، وبرع على الأخص في علم الهندسة وفي فني التخطيط والرسم؛ وأتقن، إتقانا تاما، اللغة الفرنساوية؛ والطبيعيات والرياضيات.
صفحة غير معروفة