تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

إلياس الأيوبي ت. 1346 هجري
121

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

تصانيف

فلو كان نظامها الحالي نظامها سنة 1875، لأمكن لنا أن نقف، تماما، على حقيقة الثروة التي دخلت القطر ما بين سنة 1865 وسنة 1875؛ ولتجلى لنا أن مقدارها ضعفا ما أثبتته الإحصائية الجمركية في تلك الأيام، مذ أوجب إنشاء وزارة تجارة مستقلة سنة 1876.

الفصل الرابع

إحياء مالية القطر1

المال! المال! فكل شيء بدون المال - على ما يقال - جدوب.

بوالو

إن عنوان هذا الفصل وحده، متى وقع عليه نظر بعض القراء، قد يجعلهم يبتسمون ابتسامة الازدراء، ويقفونها بسؤال يمتزج فيه الاستغراب والاستنكار معا امتزاجا تاما، كالسؤال الآتي: «أوكيف؟ (إسماعيل)، الذي أثقل مالية القطر بالدين الباهظ، الذي لا يزال القطر يئن تحت فداحة ثقله، (إسماعيل) أحيا مالية مصر؟ إنك يا هذا تمزح!» ولكنا لا نمزح مطلقا، بل نقول، ونحن نزن الكلام في ميزان التعقل التام: نعم إن (إسماعيل) أحيا مالية القطر، وإليكم الدليل بل الأدلة.

مات (سعيد)، وعلى الخزينة المصرية - غير القرض الذي عقده وقدره مليونان وسبعمائة وخمسة وخمسون ألفا وخمسمائة جنيه إنجليزي - دين سائر يربو على عشرة ملايين جنيه، لا تبرره أعمال عمومية نافعة مطلقا؛ وإنما أوجبه:

أولا:

أن سعيدا كان لا يعرف للنقود قيمة. يدل على ذلك أن المسيو براڨيه، صديقه الحميم، الذي سبق لنا الكلام عنه، شكا له، يوما، أن تقدير ثمن أحد الأشغال، التي كلف بعملها، بليرات إيطالية، مجحف بحقوقه إجحافا كبيرا، فقال له (سعيد): «دعهم يقدرونه، إذا، بليرات إنجليزية!» غير مبال بأن الليرة الإنجليزية تساوي الليرة الطليانية خمسا وعشرين مرة.

2

صفحة غير معروفة