(فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس) قال في المحكم: البأس الحرب ثمّ كثر حتّى قيل: لا بأس عليك ولا بأس، أي: لا خوف.
قال الشّيخ ولي الدّين: فقوله: "فلا بأس"، أي: فلا خوف من ارتكاب ذلك فإنّه جائز.
قال الخطّابي: هذا أولى ما يذهب إليه، لأنّ فيه جمعًا للأخبار المختلفة واستعمالها على وجوهها كلّها، وفي قول أبي أيّوب تعطيل لبعض الأخبار وإسقاط (له) (١).
قال: والمعنى في ذلك أنّ الفضاء من الأرض موضع للصّلاة ومتعبَّد للملائكة والإنس والجنّ، والقاعد فيه مستقبلًا ومستدبرًا هدف للأَبْصار، وهذا المعنى مأمون في الأبنية.
قلت: وقد رويَ هذا المعنى عن الشعبي، فأخرج البيهقي عن عيسى الحنّاط قال: قلت للشعبي: أنا أعجب من اختلاف أبي هريرة وابن عمر، قال نافع عن ابن عمر: دخلت بيت حفصة فحانت التفاتة فرأيت كنيف رسول الله ﷺ مستقبل القبلة. وقال أبو هريرة: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها. قال الشعبي: صَدَقا جميعًا، أمّا قول أبي هريرة فهو في الصّحراء، إنّ لله عبادًا ملائكة وجنًّا يصلّون فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ولا يستدبرهم، وأمّا كنفهم هذه فإنّما هو بيت يبنى لا قبلة فيه.
***
[باب الرّخصة في ذلك]
_________
(١) في ب: "لها".
1 / 45