وكان ولده علي الرضا (1) أزهد أهل زمانه وأعلمهم، وأخذ عنه فقهاء الجمهور كثيرا، و تولاه (2) المأمون لعلمه بما هو عليه من الكمال والفضل (3)، ووعظ يوما أخاه زيدا فقال له يا زيد، ما أنت قائل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سفكت الدماء وأخفت السبيل (4) وأخذت المال من غير حله!؟ غرك حمقاء أهل الكوفة، وقد (5) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار، والله ما نالوا ذلك إلا بطاعة الله، فإن أردت أن تنال بمعصية الله ما نالوه بطاعته، إنك إذا لأكرم على الله منهم (6).
وضرب المأمون اسمه على الدراهم والدنانير، وكتب إلى الآفاق ببيعته، وطرح السواد ولبس الخضرة. وقيل لأبي نؤاس لم لا تمدح الرضا عليه السلام؟ فقال:
قيل لي أنت أفضل الناس طرا * في المعاني وفي الكلام البديه لك من جوهر الكلام بديع (7) * يثمر الدر في يدي مجتنيه (8) فلما ذا تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه قلت لا أستطيع مدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه (9) وكان ولده محمد الجواد عليه السلام على منهاج أبيه في العلم والتقوى (10) والجود، ولما مات أبوه الرضا عليه السلام شغف به المأمون لكثرة علمه ودينه، ووفور عقله مع صغر سنه،
صفحة ٦٠