شرح النووي على صحيح مسلم

النووي ت. 676 هجري
71

شرح النووي على صحيح مسلم

الناشر

دار إحياء التراث العربي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٢

مكان النشر

بيروت

مِنْهُمْ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَخِطَابِ الشَّرْعِ فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ كَذِبٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْحَدِيثَ الَّذِي تَعَلَّقُوا بِهِ فَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَخْصَرُهَا أَنَّ قَوْلَهُ لِيُضِلَّ النَّاسَ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى إِبْطَالِهَا وَأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ صَحِيحَةً بِحَالٍ الثَّانِي جَوَابُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كذبا ليضل الناس الثَّالِثُ أَنَّ اللَّامَ فِي لِيُضِلَّ لَيْسَتْ لَامَ التَّعْلِيلِ بَلْ هِيَ لَامُ الصَّيْرُورَةِ وَالْعَاقِبَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ عَاقِبَةَ كَذِبِهِ وَمَصِيرِهِ إِلَى الْإِضْلَالِ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عدوا وحزنا وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ أَكْثَرُ مِنْ أن يحصر وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَاهُ فَقَدْ يَصِيرُ أَمْرُ كَذِبِهِ إِضْلَالًا وَعَلَى الْجُمْلَةِ مَذْهَبُهُمْ أَرَكُّ مِنْ أَنْ يُعْتَنَى بِإِيرَادِهِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يُهْتَمَّ بِإِبْعَادِهِ وَأَفْسَدُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى إِفْسَادِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الرَّابِعَةُ يَحْرُمُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ عَلَى مَنْ عَرَفَ كَوْنَهُ مَوْضُوعًا أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَضْعُهُ فَمَنْ رَوَى حَدِيثًا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ وَضْعَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ رِوَايَتِهِ وَضْعَهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْوَعِيدِ مُنْدَرِجٌ فِي جُمْلَةِ الْكَاذِبِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا الْحَدِيثُ السَّابِقُ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ رِوَايَةِ حَدِيثٍ أَوْ ذَكَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ حَسَنًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَذَا أَوْ فَعَلَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الْجَزْمِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَلَا يَقُلْ قَالَ أَوْ فَعَلَ أَوْ أَمَرَ أَوْ نَهَى وَشِبْهَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الْجَزْمِ بَلْ يَقُولُ رُوِيَ عَنْهُ كَذَا أَوْ جَاءَ عَنْهُ كَذَا أَوْ يُرْوَى أَوْ يُذْكَرُ أَوْ يُحْكَى أَوْ يقال أوبلغنا وَمَا أَشْبَهَهُ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وينبغى لقارىء الْحَدِيثِ أَنْ يَعْرِفَ مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَأَسْمَاءَ الرِّجَالِ مَا يَسْلَمُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَقُلْ وَإِذَا صَحَّ فِي الرِّوَايَةِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ خَطَأٌ فَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ يَرْوِيهِ عَلَى الصَّوَابِ وَلَا يُغَيِّرهُ فِي الْكِتَابِ لَكِنْ يَكْتُبُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ كَذَا وَأَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ وَهُوَ كَذَا وَيَقُولُ عِنْدَ

1 / 71