215

شرح النووي على صحيح مسلم

الناشر

دار إحياء التراث العربي

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٢

مكان النشر

بيروت

لَكَ) فَهَكَذَا ضَبَطْنَاهُ أَمْ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ أَوْ أَكْثَرِهَا أَمَا وَاللَّهِ بِأَلِفٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو السَّعَادَاتِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ الْحَسَنِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الشَّجَرِيِّ فِي كِتَابِهِ الْأَمَالِي مَا الْمَزِيدَةُ لِلتَّوْكِيدِ رَكَّبُوهَا مَعَ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَاسْتَعْمَلُوا مَجْمُوعَهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُرَادَ بِهِ مَعْنَى حَقًّا فِي قَوْلِهِمْ أَمَا وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ افْتِتَاحًا لِلْكَلَامِ بِمَنْزِلَةِ أَلَا كَقَوْلِكَ أَمَا إِنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ وَأَكْثَرُ مَا تُحْذَفُ أَلِفُهَا إِذَا وَقَعَ بَعْدَهَا الْقَسَمُ لِيَدُلُّوا عَلَى شِدَّةِ اتِّصَالِ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ إِذَا بَقِيَتْ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ لَمْ تَقُمْ بِنَفْسِهَا فَعُلِمَ بِحَذْفِ أَلِفِ مَا افْتِقَارُهَا إِلَى الِاتِّصَالِ بِالْهَمْزَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَكَانَ الْحَلِفُ هُنَا لِتَوْكِيدِ الْعَزْمِ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ وَتَطْيِيبًا لِنَفْسِ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي طَالِبٍ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بقليل قال بن فَارِسٍ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ وَلِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ تسع وأربعون سَنَةً وَثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ وَأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَتُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ ﵂ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أن يستغفروا للمشركين فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ الْمَعَانِي مَعْنَاهُ مَا يَنْبَغِي لَهُمْ قَالُوا وَهُوَ نَهْيٌ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ تعالى ولو كانوا أولى قربى وَاوُ الْحَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ ﷿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ وَكَذَا نَقَلَ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى هَذَا الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ وَهِيَ عَامَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي وَلَا يُضِلُّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى مَنْ أَحْبَبْتَ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا مَعْنَاهُ مَنْ أَحْبَبْتَهُ لِقَرَابَتِهِ وَالثَّانِي من أحببت أن يهتدى

1 / 215