شرح النووي على صحيح مسلم
الناشر
دار إحياء التراث العربي
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٩٢
مكان النشر
بيروت
وَأَمَّا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ) فَالْمُرَادُ قَرُبَتْ وَفَاتُهُ وَحَضَرَتْ دَلَائِلُهَا وَذَلِكَ قَبْلَ الْمُعَايَنَةِ وَالنَّزْعِ وَلَوْ كَانَ فِي حَالِ الْمُعَايَنَةِ وَالنَّزْعِ لَمَا نَفَعَهُ الْإِيمَانُ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قال انى تبت الآن وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ الْمُعَايَنَةِ مُحَاوَرَتُهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَمَعَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ﵀ وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ جَعَلَ الْحُضُورَ هُنَا عَلَى حَقِيقَةِ الِاحْتِضَارِ وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَجَا بِقَوْلِهِ ذَلِكَ حِينَئِذٍ أَنْ تَنَالَهُ الرَّحْمَةُ بِبَرَكَتِهِ ﷺ قَالَ الْقَاضِي ﵀ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ (فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْرِضُهَا عليه ويعيد له تلك المقالة) فَهَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ وَيُعِيدُ لَهُ يَعْنِي أَبَا طَالِبٍ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي ﵀ عَنْ جَمِيعِ الْأُصُولِ وَالشُّيُوخِ قَالَ وَفِي نُسْخَةٍ وَيُعِيدَانِ لَهُ عَلَى التَّثْنِيَةِ لِأَبِي جَهْلٍ وبن أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهُ وَقَوْلُهُ يَعْرِضُهَا بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ (قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ بِهِ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) فَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْآدَابِ وَالتَّصَرُّفَاتِ وَهُوَ أَنَّ مَنْ حَكَى قَوْلَ غَيْرِهِ الْقَبِيحَ أَتَى بِهِ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ لِقُبْحِ صُورَةِ لَفْظِهِ الْوَاقِعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ﷺ (أَمْ وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ
1 / 214