============================================================
الأصالة، فليمتنع دخولها على الماضي بنص كلامهم لا بطريق القياس.
فإن قلت : تقرر أن (أو) بمعنى ( إلى أن) وهلذه تدخل على الماضي كما في الحديث : (قام إلى أن تورمت قدماه)(1)، فلتكن (أو) كذلك : قلت : هلذا اشتباه ؛ لأن (أن) المتضمنة في (أو) هي الناصبة، وهي خاصة بالمضارع، فلم يتصور دخول (أو) المتضمنة لها على الماضي، وأما (أن) الملفوظ بها بعد ( إلى).. فهي التي لا يتصور لها عمل، وهي تدخل على الماضي، فلا جامع بين هلذه وتلك فإن قلت : بعضهم يقدر (أو) ب ( إلى آن) وبعضهم يقدرها ب ( إلى) فقط، وهلذا يدل على أن (أن) لا نظر إليها.
قلت : لا يدل لذلك بوجه، وإنما سبب ذلك أنهم اختلفوا في ناصب المضارع الداخل عليه (أو) فالأصح : أن (أن) مقدرة بعدها، وقال قوم : (أو) هي الناصبة نفسها، فعلى الأول تقدر ب ( إلى أن) وعلى الثاني ب ( إلى) فقط.
فإن قلت : قد أدخل الناظم (أو) على الماضي في موضع من " البردة" وسكت عليه شراحها(2).
قلت : الاعتراض عليه في ذلك أيضا، وأما الشراح.. فيحتمل آنهم إنما سكتوا على ذلك نظرا للمعنى، أو أنهم غفلوا عما ذكرته من صريح كلامهم الدال على أن (أو) الغائية لا تدخل على الماضي.
ثم رأيت شارحها العلامة ابن مرزوق تنبه لما ذكرته فقال في : (أو خلت البطاح بها) : إن (أو) هنا عاطفة، ثم جعلها بمعنى الواو أو (بل) أو أنها على حالها للشك أو التخيير، وتكلف بيان ذلك ولم يعرج على آنها (أو) الغائية بوجه، وليس سر ذلك إلا امتناع دخولها على الماضي، وإلا. كان معنى الغائية في البيت أقرب مما تكلفه، (1) أخرجه البخاري (4836)، ومسلم (2819)، والترمذي (412)، والنسائي (219/3)، وابن ماجه (1419) .
(2) وذلك في قوله رحمه الله: ارض جاد أو خلت البطاح بها سيب من اليم أو سيل من العرم
صفحة ١١٠