أمر اصحابه بقتله وقال لهم : انزلوا اليه وأريحوه. والانسان في الغالب قد يتأثر وينفعل من غير قصد واختيار كما يتنفس ويتألم ويفرح ويحزن وسرعان ما يتغير وكأنه انسان آخر ، وبذلك نستطيع ان نفسر بكاء اكثر الباكين على الحسين من المحبين والمجرمين القسادة وهم يستمعون إلى حديث كربلاء وما حل بها من الفجائع على أهل البيت عليهم السلام .
وجاء عن بعض العلويات انها قالت : حين استشهد اخي الحسين هجم العدو على خيامنا المسلب والنهب ودخل خيمتي رجل ازرق العينين فأخذ ما في الخيمة ونظر إلى زين العابدين وهو على نطع وكان مريضا فجذبه من تحته ورماه إلى الأرض والتفت الي وأخذ القناع عن رأسي وقرطين كانا في أذني وجعل يعالجهما ويبكي حتى انتزعهما ، فقلت له : تسلبني وأنت تبكي؟ فقال : ابكي لمصابكم اهل البيت.
وبلا شك فان الكثيرين من الذين يبكون لمصاب اهل البيت وما حل بهم في كربلاء يحملون روح هذا المجرم ازرق العينين ، ولو تسنى لهم ان يسلبوا الحوراء او غيرها خمارها اذا اقتضت مصلحتهم ذلك لا يقصرون ولا يتورعون ، وأي فرق بين ازرق العينين الذي اقتحم خيام الحسين وأخذ النطع من تحت الإمام السجاد وانتزع القرطين من أذني الحوراء وبين من يدعون التشيع والإسلام في زماننا هذا ويعتدون على أموال الناس وحقوق الناس وكرامتهم غير مكترثين بالأديان ولا بالأخلاق والأعراف التي لا تقر الاساءة لاحد من الناس.
ان هؤلاء لا فرق بينهم وبين عمر بن سعد وأزرق العينين ولو وجدت العقيلة الحوراء في زماننا هذا لا يتورعون عن انتزاع قرطها ولا عن قتل اخيها وأبيها إذا اقتضت مصلحتهم ذلك ، وفي الوقت ذاته يتأثرون وينفعلون وقد يبكون عندما يستمعون إلى حديث كربلاء وما فعله ازرق
صفحة ٤٠