٢- بين الكسائي وسيبويه:
قال الفراء: "قدم سيبويه على البرامكة فعزم يحيى بن خالد أن يجمع بينه وبين الكسائي وجعل لذلك يوما، فلما حضر تقدمت وابن الأحمر١ فدخل فإذا بمثال في صدر المجلس فقعد عليه يحيى، وقعد إلى جانب المثال جعفر والفضل ومن حضر بحضورهم، وحضر سيبويه فأقبل عليه الأحمر فسأله عن مسألة فأجابه فيها سيبويه فقال له: "أخطأت"، ثم سأله عن ثانية وثالثة كل ذلك يقول له: "أخطأت" فقال سيبويه:" هذا سوء أدب".
فأقبلت عليه فقلت: إن في هذا الرجل حدة وعجلة، ولكن ما تقول فيمن قال: "هؤلاء أبون، ومررت بأبين" كيف تقول على مثال ذلك من "وأيت" أو "أويت"؟ فأجاب فأخطأ فقلت له: "أعد النظر ثلاث مرات تجيب ولا تصيب٢، فلما كثر عليه ذلك قال: لست أكلمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره".
فحضر الكسائي فأقبل على سيبويه فقال: "أتسألني أم أسألك؟ " فقال: "بل سلني أنت". فقال له الكسائي: "كيف تقول: قد
_________
١ هو علي بن الحسن الأحمر تلميذ الكسائي وخليفته على تعليم أولاد الرشيد كما سيأتي. وفي المغني وحاشية الدسوقي عليه "١/ ١٢٩" أنه خلف الأحمر وهذا سهو منهما رحمهما الله، إذ إن خلفا بصري ولا تعرف له تلمذة على الكسائي، بل أين هذا من هذا؟
٢ قال ابن هشام الأنصاري بعد شرحه هذه المسألة: وليس هذا مما يخفى على سيبويه ولا على أصاغر الطلبة، ولكنه كما قال أبو عثمان المازني: "دخلت بغداد فألقيت علي مسائل، فكنت أجيب فيها على مذهبي ويخطئونني على مذاهبهم" وهكذا اتفق لسيبويه ﵀. مغني اللبيب "مادة إذا".
1 / 49