ومن لم يتحقق هذا؛ ولم يروض نفسه فيه غالبا : لا يثبت مشهده و لا يستقر، ولا يصلح لانطلاق قلبه إلى ملكوت ربه ووصوله إلى ما تعاينه الأرواح ؛ التي تبقى فيها مشاهدة القلوب المذكورة كالظلمات لمعاينة الحقائق، فاعلم ذلك وحققه.
فليزن الإنسان نفسه بهذه الموازين ، أولها : خلو قلبه عن التعلق بالأدنى من جميع العوالم السفليات، فإن صاحب العلائق محجوب عن الولوج إلى عالم السماوات، فيحتاج مثل هذا القلب إلى تطهر، فإذا طهر استعد لطلب الحقائق، فكثير من الناس يكون مشتغلا بالتقوى والمراقبة وسياسة النفس بالآداب الشرعية؛ وقلبه مقيد معلق بشيء من الكون، وذلك هو حجابه؛ لأن لذلك الشيء على قلبه سلطنة وهيمنة وربانية تمنع وصول سلطنة الحق وربانيته إلى القلوب.
وأكثر المحجوبين عن الحقائق لهذه الموانع، وذلك مثل حب رئاسة أو مال أو جاه أو مملوك أو معاشرة ؛ أو غير ذلك من الأشياء التي يتعلق بها سره ويسكن إليها قلبه، فلا يكمل إقباله على ربه ولا طلبه؛ فيحجب لذلك.
فمن حرم الوصول من الطالبين: فليتهم نفسه، وليتطهر من الأدناس ؛ ولينفك عن العلائق.
صفحة ٧٦