فصل وكل علم حسن عند أبي هاشم وأبي الهذيل وخالف أبو القاسم وكذا أبو علي وقاضي القضاة على ما حكاه الحاكم عنهما، قال أبو علي ,أبو القاسم: والذي يكون قبيحا من العلوم ما قصد به وجه قبيح، كذا قال أبو علي: إذا قصد بالنظر وجه قبيح كالنظر في السحر لتعمل به والشبهة لاعتقاد مقتضاها أو للتلبيس بها ثم ولد ذلك النظر العلم، فإن النظر يقبح لأجل القصد ويقبح العلم لقبح سببه بناءا على أن القصد يؤثر في القبح وأن قبح السبب يؤثر في قبح المسبب يحسنه يؤثر في حسنه.
قوله: (الذي يقبح هو القصد في الأول) يعني في العلم إذا قصد به وجه قبيح ولا يقبح العلم لأجله كما قاله أبو علي وأبو القاسم؛ لأن القصد أراده ولا تأثير للإرادة إلا في وقوع الكلام خبرا أو نحوه من الوجوه، فأما في كون الفعل قبيحا فلا؛ لأنه إما أن يعتبر في قبح الراد مع الإرادة الوجه الذي لأجله يقبح أولا إن اعتبر فهو المؤثر في القبح دون الإرادة، وإن لم يعتبر وجه القبح فقد جعل القبيح قبيحا للإرادة فقط، فيلزم في كل ما تعلقت به أن يقبح، وفيه نظر، فلنتأمل وقد وافق القاضي وإن قال بأن في العلوم ما هو قبيح أبا هاشم هاهنا، واعترف بأن الذي يفتح هو القصد، ووجه قبحه كونه إرادة لقبيح، وهو التلبيس.
قوله: (والتمكين في الثاني) أراد بالثاني العلم بالصغائر والعلم بما معه ممكن المعارضة يقال أبو هاشم العلم بذلك حسن، وإنما لاقبيح بكبر الله تعالى من العلم باعتبار الصغائر ومن إيراد الكلام الذي يبلغ في الفصاحة رتبة القرآن.
صفحة ١٠٩