هذا بناء على أن الذوات ثابتة في حالة العدم وأن الفاعل لايؤثر إلا في الوجود وفيه نزاع شديد.
قوله: (ويتوصل بها في الغالب).
احترز من نحو النظر في حدوث العالم فإنه يتوصل به إلى العلم بمجرد ذات الصانع.
قوله: (فقد ظهر أنه لافرق بين الدليل وطريقة النظر).
يقال: غير مسلم بل الفرق باق لأنه إن صح ما ذكرته فأكثر ما فيه أن الأدلة هي الصفات والحكام دون الذوات كما أن طريقة النظر هي الصفة أو الحكم ولم يجعلوا الفرق أن الدليل لايكون إلا ذاتا مجردة وأن طريقة النظرما كانت صفة فقط فيكون قد ظهر بما ذكرته إن صح عدم الفرق بل جعلوا الفرق أن طريقة النظر صفة لذات توصل إلى العلم بصفة لها، والدليل نظر في ذات أو في ذات على صفة توصل إلى العلم بذات أو صفة لذات أخرى، ولم يتبين بما ذكرته عدم الفرق بينهما من هذا الوجه، ولو ثبت اشتراطهم في الدليل أن يكون ذاتا ممكنة فمسببه من حيث أن الصفة وإن كانت وجه الدلالة كما ذكرته في حدوث الأجسام فإن متعلق النظر هو الذات فالدليل هو الأجسام مثلا، لكن يستدل بها على حال لها وهي الدليل في الحقيقة وحدوثها إنما يجعل وجه دلالة فقط بخلاف طريقة النظر فإنه لايمكن أن يجعل الدليل الذات عليها للزوم أن يكون الدليل نفس المدلول، إذ المدلول هو الذات على الصفة التي حصل العلم بها فكانت طريقة النظر الصفة فقط، ولعل المصنف واخذهم بظاهر عباراتهم لأنهم جعلوا الدليل ما يوصل إلى العلم بالغير أو بصفة أو حكم للغير ولفظة الغير يستلزم كون الدليل ذاتا إذا لغيرية الحقيقة لايثبت إلا مع كونه ذاتا، فكأنهم قد اشترطوا كونه ذاتا.
وإذا قيل لهم: فما عندكم في حدوث الأجسام، فإن الدليل نفس الحدوث إذ لو لم يثبت لم يدل.
صفحة ٢٢٥