المعراج إلى كشف أسرار المنهاج

الإمام عز الدين بن الحسن ت. 900 هجري
146

المعراج إلى كشف أسرار المنهاج

اعلم أن أبا هاشم قد ذهب إلى أن الظن من جنس الاعتقاد وقال: هو الاعتقاد الحاصل لا عن ضرورة ولاعن دلالة ولاعن شبهة، ولكن الواقع عن أمارة تقوى بقوتها وتضعف بضعفها وخالفه الجمهور وقالوا: هو تغليب بالقلب لا باللسان لأحد المجوزين ظاهري التجويز ويحترزون بذلك عن المقلد فإنه مجوز ومغلب لأحد المجوزين لكن ليسا بظاهري التجويز بل تجويزه لما لم يعتقده ليس بظاهر لتغليبه ما عداه، وقالوا: لو كان من قبيل الاعتقاد لزم قبح جميع الظنون لن الظن إما أن يكون جهلاص فهو قبيح لامحالة ولايخالف أبو هاشم في قبح كل جهل، وإن لم يكن جهلا فالمقدم عليه لايأمن كونه جهلاص إذ لم يحصل سكون النفس والإقدام على مالايؤمن كونه جهلا في القبح كالإقدام على الجهل. وقد ثبت أن في الظنون ما هو حسن بل واجب.

قوله: ( وذلك الاعتقاد هو التجويز).

اعلم أنه لاكلام في ملازمة التجويز للظن وعدم انفصال أحدهما عن الاخر فكل ظان مجوز إذ لايحصل القطع إلا مع العلم ومع ذلك فالتجويز اعتقاد لايؤمن كونه جهلا لأنه على ما ذكره الفقيه قاسم اعتقاد جواز ثبوت الشيء واعتقاد جواز نفيه، فالمجوز لحدوث العالم مثلا من اعتقد جواز قدمه واعتقد جواز حدوثه، وهذان اعتقادان أحدهما جهل بلا محالة وهو اعتقاد جواز قدمه والاخر لايأمن ..... جهلاص وهو اعتقاد جواز حدوثه.

وإن كان قد ذكر الجمهور أنه مجموع اعتقادين علمين بأن بديهة العقل لاتحيل ثبوت الشيء ولانفيه لكن الأصح ما ذكره الفقيه قاسم وعليه ينبني كلام المصنف.

قوله: (فلأنه يجري مجرى دفع الضرر عن النفس).

صفحة ١٦٦