148

منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

الناشر

دار الرسالة العالمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م

مكان النشر

بيروت

تصانيف

وقد ذكر ابن القيم: "أن الرسل من أولهم إلى خاتمهم -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- أرسلوا بالدعوة إلى الله، فعرفوا الرب المدعو إليه بأسمائه وصفاته وأفعاله تعريفًا مفصلًا حتى كأن العباد يشاهدونه سبحانه وينظرون إليه فوق سماواته على عرشه يكلم ملائكته ويدبر أمر ملكه، ويسمع أصوات خلقه، ويرى أفعالهم وحركاتهم، ويشاهد بواطنهم كما يشاهد ظواهرهم، يأمر وينهى، ويرضى ويغضب، ويحب ويسخط، ويضحك من قنوطهم وقرب غيره، ويجيب دعوة مضطرهم، ويغيث ملهوفهم، ويعين محتاجهم، ويجبر كسيرهم، ويغني فقيرهم، ويميت ويحيي، ويمنع ويعطي، ويؤتي الحكمة من يشاء، مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كل يوم هو في شأن، يغفر ذنبًا، ويفرج كربًا، ويفك عانيًا، وينصر مظلومًا، ويقصم ظالمًا، ويرحم مسكينًا، ويغيث ملهوفًا، ويسوق الأقدار إلى مواقيتها، ويجريها على نظامها، ويقدم ما يشاء تقديمه، ويؤخر ما يشاء تأخيره، فأزمَّة الأمور كلها بيده، ومدار تدبير الممالك كلها عليه، وهذا مقصود الدعوة، وزبدة الرسالة" (^١). إن في ما قاله ابن القيم وصفًا لما جاء به الرسول ﷺ عن المعرفة بالله ﷾ وأسمائه وصفاته. ومن هذا المنطلق كان إعداد الداعي في هذا المجال مطلبًا مهمًا، وقد حرص صحابة رسول الله ﷺ على ذلك، بل حرص الرسول ﷺ على تهيئتهم وإعدادهم في ذلك ليكونوا دعاة من بعده.

(^١) مدارج السالكين، ابن القيم، ٣/ ٣٦٤ - ٣٦٥.

1 / 157