148

الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي

تصانيف

التاريخ

عقدتى، ورد عليكم أمركم، فأمروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن

أمرتم فى حياة منى كان أجدر ألا تختلفوا بعدى).

وتصرف (أبى بكر الصديق) دليل ساطع وبرهان قوى على أن اختيار

الحاكم من حق الأمة وحدها، لكن الصحابة فوضوه فى اختيار خلف

له، وألحوا عليه فى ذلك، فقبل تكليفهم، ووقع اختياره على (عمر

بن الخطاب) -رضى الله عنه - لكفاءته وقدرته وسابقته فى الإسلام،

ولم يكتف (الصديق) باختياره هو لعمر بن الخطاب، بل استطلع آراء

كبار الصحابة حول مرشحه، مع أنه مفوض من الصحابة فى اختيار

خليفة لهم، ويعلم بأن (عمر) هو أفضل الصحابة بعده، وأصلحهم

لتولى الخلافة، لكنه آثر ألا ينفرد وحده باختيار خليفة له.

ولما اطمأنت نفسه إلى أن الغالبية ممن شاورهم تؤيد اختيار (عمر)،

جمع الناس حوله، وحدثهم قائلا: (أترضون بمن أستخلف عليكم،

فإنى والله ما آلوت من جهد الرأى، ولا وليت ذا قرابة، وإنى قد

استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، فقالوا:

سمعنا وأطعنا).

ولم تنعقد بيعة (عمر) ليصبح خليفة إلا بعد وفاة (أبى بكر)، وبمبايعة

الناس له بيعة عامة، ولو لم يرض الناس بترشيح (أبى بكر)، ورفضوا

مبايعة (عمر)، ما كان لعهد (أبى بكر الصديق) عليهم حجة أو سلطان.

وجاء اختيار (عثمان بن عفان) - رضى الله عنه - ببيعة عامة حرة من

بين الستة الذين رشحهم (عمر بن الخطاب) -رضى الله عنه - ليختاروا

واحدا منهم، وقد حصرها فيهم؛ لأنهم بقية العشرة المبشرين بالجنة،

والذين توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض.

ولما قتل (عثمان بن عفان) شهيدا، ألح الصحابة على (على بن أبى

طالب) أن يقبل الخلافة، بعد أن سادت الفوضى مدينة رسول الله

- صلى الله عليه وسلم -، وامتنع كبار الصحابة عن قبول الخلافة، فقبل

على الخلافة؛ لينقذ الأمة من الفتن، وبايعه معظمهم، ولا جدال فى أن

قيام على بالأمر فى ذلك الوقت العصيب كان تضحية تنطوى على

صفحة ٢