العلم الحادث قيده بالحدوث ليخرج عنه علمه تعالى فإنه قديم ولا يوصف بضرورة ولا كسب ينقسم إلى ضروري ومكتسب فالضروري قال القاضي أبو بكر في تفسيره هو العلم الذي يلزم نفس المخلوق لزوما لا يجد المخلوق إلى الانفكاك عنه سبيلا كالعلم بجواز الجائزات واستحالة المستحيلات وأورد عليه جواز زواله أي زوال العلم الضروري بعد حصوله بأضداده كالنوم والغفلة وأورد أيضا أنه قد يفقد العلم الضروري لعدم مقتضيه كما يفقد قبل الحس أي الإحساس والوجدان وسائر ما يتوقف عليه من التواتر والتجربة وتوجه العقل فلا يكون العلم الضروري لازما لنفس المخلوق لا دائما ولا بعد حصوله ولا يرد على تعريفه ما ورد عليه إذ عبارته مشعرة بالقدرة أي باعتبار مفهوم القدرة في التعريف منفية فإنك إذا قلت فلان يجد إلى كذا سبيلا يفهم منه أنه يقدر عليه وإذا قلت لا يجد إليه سبيلا فهم منه أنه لا يقدر عليه فمراد القاضي أن الانفكاك عن العلم الضروري ليس مقدورا للمخلوق وما ذكرتم من زواله بأضداده وفقده قبل ما يقتضيه لا ينافي مراده إذ ليس شيء منهما انفكاكا مقدورا بل ليس بمقدور فإن قلت الانفكاك مقدورا كان أو غير مقدور ينافي اللزوم المذكور في التعريف فالسؤال باق بحاله قلت لعله أراد باللزوم الثبوت مطلقا ثم قيده بكون الإنفكاك عنه غير مقدور أو أراد به امتناع الانفكاك المقدور فيكون آخر كلامه تفسيرا لأوله فإن قيل فكذا النظري بعد حصوله أي هو أيضا غير مقدور انفكاكه إذ لا قدرة للمخلوق على الانفكاك عنه بعد حصوله فيدخل في حد الضروري والفاء في قوله فكذا للإشعار بترتب هذا السؤال على الجواب عن السؤال الأول
صفحة ٦٢