الفصل الأول في تعريفه " الحكم خطاب الله القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير ".
قالت المعتزلة خطاب الله تعالى قديم عندكم والحكم حادث لأنه يوصف به ويكون صفة لفعل العبد، ومعللا به كقولنا: حلت بالنكاح وحرمت بالطلاق وأيضا، فموجبية الدلولك ومانعية النجاسة، وصحة البيع وفساده خارجة عنه، وأيضا فيه الترديد وهو ينافي التحديد.
قلنا الحادث التعلق والحكم يتعلق بفعل العبد لا صفته كالقول المتعلق بالمعدومات والنكاح والطلاق ونحوهما معرفات له كالعالم للصانع، والموجبية والمانعية أعلام للحكم لا هو ، وإن سلم فالمعنى بها اقتضاء الفعل والترك وبالصحة إباحة الانتفاع، وبالبطلان حرمته والترديد في أقسام المحدود لا في الحد.
الفصل الثاني: في تقسيماته
الأول: الخطاب إن اقتضى الوجود ومنع النقيض فوجوب، وإن لم يمنع فندب، وإن اقتضى الترك ومنع النقيض فحرمة، وإلا فكراهة، وإن خير فإباحة.
ويرسم الواجب بأنه الذي يذم شرعا تاركه قصدا مطلقا، ويرادفه الفرض.
وقالت الحنيفة: ما ثبت بقطعي والواجب بظني.
والمندوب: ما يمدح فاعله ولا يذم تاركه ويسمى: سنة ونافلة.
والحرام: ما يذم شرعا فاعله.
والمكروه: ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله.
والمباح ما لا يتعلق بفعله وتركه مدح ولا ذم.
الثاني: ما نهى عنه شرعا فقبيح، وإلا فحسن كالواجب والمندوب والمباح وفعل غير المكلف.
والمعتزلة: قالوا: ما ليس للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله، وما له أن يفعله. وربما قالوا: الواقع على صفة توجب الذم، أو المدح، فالحسن بتفسيرهم الأخير أخص.
الثالث: قيل: الحكم إما سبب أو مسبب كجعل الزنا سببا لإيجاب الجلد على الزاني، فإن أريد بالسببية الإعلام فحق، وتسميتها حكما بحث لفظي، وإن أريد به التأثير فباطل، لأن الحادث لا يؤثر في القديم، ولأنه مبني على أن للفعل جهات توجب الحسن والقبح وهو باطل.
صفحة ٢