مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
تصانيف
فإن الله عز وجل اصطفى الإسلام دينا واختار من عباده رسلا دالين عليه وهادين إليه يبشر أولهم بآخرهم ويصدق تاليهم ماضيهم، حتى انتهت نبوة الله إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم على فترة من الرسل ودروس من العلم وانقطاع من الوحي واقتراب من الساعة، فختم الله به النبيين وجعله شاهدا ومبشرا عليهم ومهيمنا، وأنزل عليه الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، فلما انقضت النبوة وختم الله بمحمد صلوات الله عليه الرسالة جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين في الخلافة ونظامها، والقيام بشرائعها وأحكامها، ولم يزل أمير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة، وحمل مشاقها واختبر مرارة طعمها وذاقها مسهرا لعينيه منضبا لبدنه، مطيلا لفكره فيما فيه عز الدين وقمع المشركين ونشر العدل وإقامة الكتاب والسنة ومنعه ذلك من الحفظ والدعة ومهنأ العيش محبة أن يلقى الله سبحانه مناصحا له في دينه وعباده، ومختارا لولاية عهده ورعاية للأمة من بعده، أفضل من تقدر عليه في دينه وعلمه وورعه، وأرجاهم في القيام في أمر الله بالاستخارة في ذلك، معملا فكره في طلبه في أهل بيته من ولد عبد الله بن العباس وعلي بن أبي طالب، حتى استقصى أمورهم معرفة وكانت خبرته بعد استخارة الله سبحانه وإجهاده نفسه في قضاء حقه في عباده في الفئتين، علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لما رأى من فضله البارع وعلمه الرائع وورعه الظاهر الشائع وزهده الخالص النافع وتخليه من الدنيا وتفرده عن الناس، ولذلك عقد له [24ب]بعهده والخلافة من بعده واثقا بخيرة الله في ذلك إذ علم الله تعالى إيثارا له في الدين ونصرا للإسلام والمسلمين وطالبا للسلامة وثبات الحجة والنجاة في اليوم الذي فيه يقوم الناس لرب العالمين، وكتب بخطه في يوم الإثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين.
صفحة ١٤٠