مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
تصانيف
[جواب الرضا على العهد السابق]
وكتب الإمام علي بن موسى الرضا بخطه على ظهر العهد:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الفعال لما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وصلواته على محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين.
أقول وأنا علي بن موسى بن جعفر: أن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد ووفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت وأمن نفوسا فزعت فأغناها بعد فقرها وعرفها بعد نكرها مبتغيا بذلك رضاء رب العالمين لا يريد جزاء من غيره وسيجزي الله الشاكرين، وأنه جعل إلى عهده والإمرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حل عقده أمر الله بشدها أو قصم عروة أحب الله اتساقها فقد أباح جريمه وأحل محرمه إذ كان بذلك زاريا على الإمام منتهكا حرمة الإسلام، وخوفا من شتات الدين واضطراب أمر المسلمين وقلدني خلافة العمل فيهم خاصة وأن أعمل فيهم بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أسفك دما حراما، ولا أبيح فرجا ولا مالا إلا ما سفكته حدوده وأباحته فرائضه، وجعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني الله عنه فإنه عز وجل يقول: ?وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا?[الإسراء:34] وإن أحدثت أو غيرت أو بدلت كنت للعزل مستحقا وللنكال متعرضا وأعوذ بالله من سخطه وإليه أرغب في التوفيق في طاعته، والحؤول بيني وبين معصيته في عاقبة لي وللمسلمين -والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك- ?وما أدري ما يفعل بي ولا بكم?[الأحقاف:9] ?إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين?[الأنعام:57] لكني امتثلت أمر أمير المؤمنين وآثرت رضاه، والله تعالى يعصمني وإياه، وأشهدت الله على نفسي بذلك وكفى بالله شهيدا، وكتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين والحاضرين من أولياء نعمته وخواص دولته.
صفحة ١٤١