197

وأحسن طلائع (ابن رزيك) حيث قال:

أبعد خمس وأربعين لقد ... ما طلت إلا أن الغريم كريم

فكيف وكيف) هذه ألفاظه - رحمه الله تعالى - إلا لفظة الثبات فأظنها سقطت فعوضتها والمسلمين والمسلمات بدل على المؤمنين والمؤمنات، فأثار لوعظه هذا كمينا، وأظهر من العبرة والإدكار داء دفينا وبعد هذا عرض له ألم في الحضرة المتوكلية لم تستقر الأغذية في معدته فدخل إلى (شهارة) المحروسة، وجاءنا كتابه يذكر ذلك العارض ووهن القوى، فلم تزل قلوب المسلمين به مشتغلة، ونيران الوجد منهم مشتعلة، حتى لم نشعر إلا بكتب الأصحاب الجلة الخيار بمعمور شهارة يخبرون بانتقال روحه الكريمة من هذه الدار إلى الآخرة التي هي دار القرار، وأنه توفي - رضي الله عنه - يوم الثلاثاء سادس عشر شهر محرم غرة سنة تسع وسبعين وألف، وقبره في جوار المنصور بالله والمؤيد بالله - سلام الله عليهما - وعليه، وأخرجت المصاحف للتلاوة /121/ في الجامع، واجتمع الخلق يقرأون القرآن ووجهه الكريم مقابل القبلة وبقي على هذا ساعات طويلة حتى يصلح التجهيز؛ لأن الوقت لم يكن وقته - أعاد الله من بركته ورضي عنه -.

قال المصنف - رحمه الله -: وكتبت أنا هذه القصيدة على عادة الفضلاء وهي:

رويدكما فالصبر لا أستطيعه ... تمنع عن قلبي وكان يطيعه

وقد كنت جلدا يألف الصبر خاطري ... يقولون لي رحب الجنان وسيعه

فها أنا يرثى لي عدوي من الأسى ... فؤادي تشوى بالجحيم طلوعه

وذاب فؤادي فالدموع نجيعة ... فهذا فؤادي في دموعي(1) جميعه

يحق لمثلي ما لقيت وإنه ... ليخفى على غيري فلست أذيعه

فلولا دموع العين أبدت سرائري ... كتمت ولكن ضر سري دموعه

وهل ينبغي لي أن أرى متبسما ... وقد هد من حصن الكمال منيعه ومال شمام العلم وهو شمارخ(1) ... وما كان ظني أن يميل رفيعه

صفحة ٢٢٠