مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
تصانيف
قلت: ليس من باب الحكم بالمثل في المقومات لوجهين:
الأول: أنا نمنع كونه حكم، أو أنهم احتاجوا معه بعدما ظهرت براءته وكرامته على الله تعالى بنطق الصبي في مهد ببراءته، بدليل قولهم: نبني لك صومعتك من ذهب وفضة، فتواضع عليهم، قال: بل أعيدوها طينا كما كانت، والحكم إنما يحتاج له عند التشاح.
الثاني: سلمنا أنه من باب الحكم، فهم إنما تعدوا على الصومعة بهدم ما هدموا منها حتى أخرجوه، ومثل هذا لايبعد القضاء فيه بالبناء، حسبما تشهد له مسائل التعدي، ويبقى النظر في أن الصومعة بعد الرم هل نقصت قيمتها، ولكن ما كان الرجل يستقصي معهم في مثل هذا، ولا هم بالذين يقصرون في بنائها حتى تنقص قيمتها، وإذا كان ما نقص البناء بعد الرم إنما سقط لكونهم سومحوا فيه وأتوا به على أحسن وجه حتى لم ينقص، هذا من القضاء بالمثل حسبما أشار إليه اللخمي في مسألة الثوب.
وفي الإكمال: القضاء على من هدم حائطا ببناء مثله مذهب الكوفيين والشافعي وأبي ثور(¬1). وفي العتبية عن مالك مثله(¬2). ومذهب أهل الظاهر في كل متلف(¬3). ومشهور مذهب مالك وأصحابه وجماعة من العلماء أن فيه وفي سائر المتلفات المضمونة القيمة، إلا ما يرجع إلى الكيل والوزن، ولاحجة لأولئك في الحديث، لأنه في شرع غيرنا، وليس فيه أن نبينا صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، ولعله بتراضيهما. ألا ترى إلى قولهم: نبنيها لك بالذهب(¬4).
صفحة ٢٣٠