شئت فاستبقني لغيره، فقال معاوية: لا والله ما أحب أن تقتل فقف مكانك حتى يخرج إليه غيرك. وجعل علي ((عليه السلام)) يناديهم ولا يخرج اليه أحد فرفع المغفر عن رأسه ورجع إلى عسكره فخرج رجل من أبطال عسكر الشام يقال له كريب بن الصباح، فوقف بين الصفين وسأل المبارزة فخرج إليه من عسكر العراق فارس يقال له المبرقع الخولاني فقتله الشامي ثم خرج إليه الحارث الحكمي فقتله أيضا، فنظر علي ((عليه السلام)) إلى مقام فارس بطل فخرج إليه بنفسه فوقف قبالته، ثم قال له: من أنت قال: أنا كريب بن الصباح الحميري فقال له: ويحك يا كريب، إني أحذرك الله في نفسك وأدعوك إلى كتابه وسنة نبيه محمد ((صلى الله عليه وآله وسلم)) فقال له كريب: من أنت قال: أنا علي بن أبي طالب، فالله الله في نفسك فاني أراك فارسا بطلا فيكون لك ما لنا وعليك ما علينا وتصون نفسك عن عذاب الله ولا يدخلنك معاوية نار جهنم، فقال كريب: ادن مني إن شئت وجعل يلوح بسيفه فمشى إليه علي ((عليه السلام)) والتقيا بضربتين، فبدره علي فقتله فخرج إليه الحارث الحميري فحمل علي عليه فقتله، فخرج إليه آخر فقتله [هكذا] حتى قتل أربعة وهو يقول: الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين .
ثم صاح علي ((عليه السلام)): يا معاوية هلم إلى مبارزتي ولا تفتنن العرب بيننا فقال معاوية: لا حاجة لي في مبارزتك فقد قتلت أربعة من سباع العرب فحسبك، فصاح رجل من أصحاب معاوية يقال له عروة بن داود، فقال: يا بن أبي طالب إن كان معاوية قد كره مبارزتك فهلم إلى مبارزتي، فذهب علي نحوه فبدره عروة بضربة فلم تعمل شيئا وضربه علي فأسقطه قتيلا ثم قال: انطلق إلى النار، وكبر على أهل الشام قتل عروة فجاء الليل وحجز بين الفريقين.
فهذه مع اختصارها ملخص مما ذكره أهل الفتوح في وقائع
صفحة ١٦١