وأما الاجتهاد في حقيقة النار التي معه، هل هي حقيقة أم تخيل؟ مال ابن حبان في صحيحه(¬1) إلى أنه تخيل واستدل بحديث المغيرة بن شعبة في الصحيحين أنه قال: "ما سأل أحد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سألته، وأنه قال لي: (ما يضرك منه؟) قلت: لأنهم يقولون: معه جبل خبز ونهر ماء، قال: (هو أهون على الله من ذلك)(¬2).
فمعناه: أنه أهون على الله من أن يكون معه ذلك حقيقة بل يرى كذلك وليس بحقيقة.
وقال جماعة منهم القاضي ابن العربي: بل هي على ظاهرها أي: فيكون ذلك امتحانا من الله لعباده ويكون معنى الحديث: هو أهون من أن يخاف أو أن يضل الله به من يحبه(¬3).
ويدل على ذلك: "قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما: رأي العين ماء أبيض، والآخر: رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا، وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد"(¬4) أساس الخلاف في هذه المسالة كما أرى اعتبار الحقيقة والمجاز.
4-الاجتهاد في المهدي: قال الحافظ ابن القيم: "قد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال:
صفحة ٣٠