( اعلم) أنه يجب على كل مكلف أن يعتقد أن كل حي ميت إلا الله، وقيل يكفيه أن يعتقد أن كل عاقل يموت، والأول أصلح لقوله تعالى ((كل نفس ذائقة الموت))([2]) والبهائم ذوات أنفس ويجب عليه أيضا أن يعتقد أن كل شيء فان إلا الله عز وجل لقوله تعالى ((كل شيء هالك إلا وجهه))([3]) والفناء شامل للموت ومطلق العدم بعد الوجود، لأنه إعدام فجميع الأشياء فانية حتى عجب الذنب وهو شيء مثل حبة الخردل أسفل الصلب عند العصعص كذا في الذهب الخالص، وفي المصباح أن العجب: هو العصعص وفي المختار: أن العجب هو عظم الذنب والعصعص هو ذلك العظم أيضا وما ورد من حديث ((كل ابن آدم يفنى إلا عجب الذنب فمنه يركب))([4])قال القطب رحمه الله تعالى: الاستثناء منقطع أي لكن عجب الذنب منه يركب بعد إعادته، وقال في معنى الحديث: أنه سبحانه يعيد الأعيان الفانية ويركبها عليه لحكمة لا لتعذر الإعادة إلا بذلك والأشياء منها ما هو فان على الانقلاب إلى دار أخرى وهم العقلاء ومنها ما هو فان على التلاشي والذهاب وهو ما عدا العقلاء من الحيوانات وغيرها من النباتات والجمادات، فإنها لا تحشر وهو مذهب ابن عباس رضي الله عنه والجمهور على أن كل حي محشور لقوله تعالى ((وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه))([5]) إلى قوله تعالى ((ثم إلى ربهم يحشرون)) لكن حشر ما عدا العقلاء على التلاشي والذهاب واختلفوا أيضا في أولاد المشركين فمنهم من ذهب إلى أن فناءهم على الانقلاب وهو المذهب، ومنهم من ذهب إلى أن فناءهم على التلاشي كسائر الحيوانات، والحق الأول لقوله تعالى ((وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت))([6]) (قوله كذلك البعث) أي البعث كالموت في كونه حقا وفي وجوب الإيمان به.
صفحة ٧٩