وكل نص أوهم التشبيها = أوله أو فوض ورم تنزيها ومن اعتقد تنزيه الله تعالى عن مشابهة الأشياء لزمه تأويل ما أوهم التشبيه من الآيات، والسنة سواء صرح به أو لم يصرح، فلا معنى لقول بعض متأخريهم أن مذهب السلف أسلم بل الأسلم رده إلى المحكم لئلا يتوهم الضعيف أن المراد ظاهره (قوله أو يلزمن تناقض القرآن) هذا دليل وجوب رد المتشابه إلى المحكم أي لو لم يرد إليه لزم تناقض القرآن وذلك كما في قوله تعالى ((وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها))([35]) فإنه متشابه يجب رده إلى قوله تعالى ((قل إن الله لا يأمر بالفحشاء))([36]) فيتأول الأمر الأول وإلا لزم تناقض الآيتين وكما في قوله تعالى ((نسوا الله فنسيهم))([37]) فإنها متشابهة محكمها ((وما كان ربك نسيا))([38]) ((لا يظل ربي ولا ينسى))([39]) وكما في قوله تعالى ((الرحمن على العرش استوى))([40]) ((بل يداه مبسوطتان))([41]) فإنه متشابه محكمه ((ليس كمثله شيء))([42]) فلو لم يرد إليها لزم التناقض، و(أو) في البيت عاطفة للجملة الفعلية على الجملة الاسمية قبلها، ومعناها تخيير الواقفين عن تأويل المتشابه بين أمرين إما أن يردوه إلى المحكم فيلزمهم تأويله أو يقولوا أنه على ظاهره فيلزمهم تناقض القرآن بعضه ببعض فليختاروا أي الأمرين شاؤوا ولا مخرج لهم، عن أحدهما والجملتان فيهما التخيير خبريتان لفظا إنشائيتان معنى لأن التخيير مختص بالإنشاء والله أعلم.
---------------------------------------------------------------------- -------
[1] - سورة محمد آية رقم 19 وتكملة الآية (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم)
[2] - سورة البقرة آية رقم 29 وصدر الآية (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات)
[3] - سورة الأنعام آية رقم 102 وسورة الرعد آية رقم 16 وسورة الزمر آية رقم 62 وسورة غافر آية رقم 62
[4] - سبقت الترجمة له في كلمة وافية في هذا الجزء.
صفحة ٧٤