( قوله وبعدهم ملائك) أي وبعض الأنبياء في رتبة الأفضلية ملائك الخ (أعلم) أنه لا نزاع في أفضلية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق إلا ما سيأتي عن الزمخشري([1]) في تفضيل جبريل على نبينا عليهما الصلاة والسلام، وسيأتي رد قوله فهو صلى الله عليه وسلم مستثنى من الخلاف الآتي في تفضيل الأنبياء على الملائكة أو العكس، وكذلك أيضا لا نزاع في تفضيل الأنبياء عليهم السلام على الملائكة السفلية الأرضية، وأما تفضيلهم على الملائكة العلوية فذهب إلى جمهورنا وجمهور الأشعرية مستدلين بأدلة منها: قوله تعالى ((وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم))([2]) لأن المتبادر إلى الذهن أمر الأدنى بالسجود للأعلى لا العكس (لا يقال) إن السجود يكون على وجوه فلعله لم يكن سجود تعظيم (لأنا نقول) قوله تعالى حكاية عن إبليس ((أرأيتك هذا الذي كرمت علي))([3]) وقوله ((أنا خير منه))([4]) ينفي ما عدا التعظيم من الاحتمالات (ومنها) قوله تعالى ((وعلم آدم الأسماء كلها)) ([5]) والعالم أفضل من غيره بدليل ((هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون))([6]) (ومنها) أن عبادة الأنبياء إنما تكون بتحمل المشاق في قطع العوائق من قمع الشهوات ومصادفة المكروه، ومن كان كذلك فهو أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((أفضل الأعمال أحمزها أي أشقها))([7]) (ومنها) أن الملائكة ذوو عقول بلا شهوة والبهائم شهوة بلا عقول، والأنبياء قد جمع فيهم العقل والشهوة، فمن غلبت شهوته عقله فهو أشر من البهائم لقوله تعالى ((أولئك كالأنعام بل هم أضل))([8]) ((إن شر الدواب عند الله))([9]) الآية وذلك يقتضي أن من غلب عقله شهوته أفضل من الملائكة وهذا الدليل والذي قبله يقتضيان تفضيل سائر المؤمنين عليهم أيضا وسيأتي الخلاف فيه قريبا إن شاء الله.
صفحة ٣٧