( قوله ثم الخليل) هو إبراهيم عليه السلام سمي خليل الرحمن تشريفا له على غيره، ومعنى الخليل في اللغة: هو من تخللت الأعضاء بحبه ويفدى بالنفس والمال، استعير هنا لعظم المنزلة ورفع الشان والدليل على أن خليل الرحمن هو أفضل الأنبياء بعد نبينا عليه الصلاة والسلام قوله تعالى ((وأوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم))([7]) قوله ((بل ملة إبراهيم حنيفا))([8]) وقد ثبت الدليل على أفضلية نبينا على سائر الأنبياء، ومع ذلك فقد أمر بإتباع ملة إبراهيم فدل على ذلك أفضلية إبراهيم على سائر الأنبياء (لا يقال) هذا دليل على أفضلية إبراهيم على جميع الأنبياء حتى نبينا لأن المتبوع أفضل من التابع (لأنا) لا نسلم أن المتبوع أفضل من التابع مطلقا لإمكان أن يختص التابع بميزة لم تكن في المتبوع (قوله ثم الكليم) بتخفيف اللام بمعنى الكليم بتشديدها هو موسى بن عمران بن يصهر بن لاوي بن يعقوب عليه السلام، والدليل على أن موسى أفضل من سائر الأنبياء بعد نبينا وإبراهيم عليهم الصلاة والسلام قوله تعالى ((وكلم الله موسى تكليما))([9]) وقوله تعالى ((واصطنعتك لنفسي))([10]) ففي الآية الأولى دليل على أن الله أسمعه كلاما لأجل سماعه إياه بلا واسطة ملك ونحوه ومن كان بهذه المنزلة فهو أفضل ممن لم يصلها، وفي الآية الثانية دليل على أن الله اصطنعه لنفسه ومعناه لأمره، ومن قيل له كذلك أفضل ممن لم يقل له ذلك وإن كان مخلوقا لذلك أيضا (قوله وبعده عيسى) أي في مرتبة التفضيل بعد موسى عيسى بن مريم عليه السلام، والدليل على أن عيسى أفضل من سائر الأنبياء بعد من ذكر قوله تعالى في حقه ((وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه))([11]) وهذا تشريف له وتعظيم حيث أضافه إلى نفسه .
صفحة ٢٦